|
فضاءات ثقافية إن شبكة الاتصالات الحديثة أدت إلى ثورة في المعلومات وانسيابها بحرية لم تعرف لها البشرية مثيلاً، فتدخلت في معدلات تسارع أرباح البنوك والشركات بفضل سرعة الاتصالات، وبالتالي سرعة اتخاذ القرارات وبفضلها أيضاً ظهر العديد من مظاهر السلوك والأنشطة التي يمارسها الأفراد اليوم في المجتمعات كافة والتي يلعب فيها جهاز الكمبيوتر دور البطولة. وهذه الثورة قلبت مفاهيم الثقافة بمعناها الواسع بما فيها النشر الإلكتروني وتحويل المدونات الإلكترونية إلى ظاهرة جديدة تدخل في عالم النشر واكتشاف المواهب الجديدة في الأدب، إضافة إلى دورها في تمكين الإنسان من الاطلاع على الصحف العربية والأجنبية بإتاحتها على الشبكة العالمية للمعلومات. كما أن هذه الوسائط الحديثة أحدثت ثورة في توفير الاتصال العولمي وأزالت الحدود بين البشر مهما اختلفت ثقافاتهم وبعدت بينهم مسافات الجغرافيا عبر العديد من شبكات الاتصال الاجتماعية الجديدة مثل «الفيس بوك» و «تويتر» وغيرها، وهو ما يؤدي إلى خلق نوع من ألوان الحوار المباشر أو غير المباشر بين أفراد مختلفين من ثقافات متعددة قد يكون من المستحيل أن تتوافر لأي منهم سبل التلاقي أو الحوار لولا ظهور تلك الشبكات الاجتماعية الحديثة. وهو ما سوف يؤثر بالتأكيد في المنظومة الأخلاقية والفكرية والاجتماعية في مدى السنوات القليلة المقبلة، ما يقتضي بحث الظاهرة وتحليلها للاستفادة من إيجابياتها وتجنب سلبياتها، وخاصة من قبل الأجيال الجديدة التي يتوقع أن يزداد عدد مستخدمي هذه الوسائط منهم بشكل غير مسبوق. ولا بد من التساؤل: ما مصير الثقافة العربية في ظل هذه الوسائط وكيف يمكن أن نطور لغتنا لتتلاءم معها، وتصبح صالحة لاستيعاب الثقافة العلمية المتطورة وللتواصل مع الثقافات الأخرى، وهل تكون هذه الوسائط وبالاً علينا فتكشف عن تخلفنا وعجزنا؟ أم إنها فرصة مواتية للتطور والوصول بالثقافة العربية إلى آفاق عديدة؟! هذا هو السؤال الجوهري الذي لا بد أن نسرع كمثقفين ومهتمين ومتخصصين ومبدعين في الإجابة عنه في هذا العصر عصر العولمة المفتوح على مصراعيه لكل من يريد أن ينتمي إليه. مجلة العربي د.سليمان إبراهيم العسكري حين يجتاحني الخيال في حوار أجرته مجلة الرافد مع جان ماري غوستاف لوكليزو الكاتب الفرنسي الحائز جائزة نوبل متحدثاً عن الوهم والخيال: عادة ما ينتابني حين أجلس للكتابة شعور بأني أعيش جولة اجتياح من قبل الخيال، عندها أترك نفسي عرضة للإغارة سواء أكنت أعيش أجواء الفصل المناسب وطقس يوم العيد، وفي حالة جيدة، أم كنت على العكس من ذلك محبطاً وكئيباً وفي أمس الحاجة إلى الكتابة، وإذ ما تقع بدواخل نفسي الثغرة الأولى بفعل ثيمة موسيقية أو جملة من الجمل ثم تليها ثغرة أخرى، وثالثة فيتراءى لي فجأة أن هنالك ضغطاً يدفعني دفعاً من الخلف حتى ينتابني في الحال شعور بالثقل فإذا حصل مني أي قهر أو كبت لهذا الشعور أكون قد خاطرت حينئذ بتوازني النفسي، لكن ما إن تنتهي هذه الغارات ويستعيد الجسم بفعل ذلك عافيته وننتهي أخيراً من كل ذلك حتى ينتابنا في الحين شعور بالتعب وهو ما يعني أن أوان الكتابة قد حلّ. |
|