|
شؤون سياسية شرق أوسط جديد يقوم على الجماجم والأنقاض الإنسانية التي بعثرتها آلة الإرهاب الأميركية. الإسرائيلية من غزة إلى لبنان من أجل القضاء على حماس الفلسطينية وحزب الله في لبنان باعتبارهما صاحبي مشروع متقدم لمقاومة وهم الشرق الأوسط الجديد الذي ترجح أكثرية الاستقراءات والقناعات سواء داخل المنطقة أم خارجها بأنه مشروع فاشل وقبل أن يولد وتأكيدنا بأن هذا المشروع لن يكتب له النجاح يستند لعدة حقائق: أولاً: إن غرور القوة والغطرسة التي ترفع رايتها صاحبتا المشروع هو أمر يفقد العقل وتوازنه. وقد عبر عن هذه الحقيقة الدكتور ريتشارد درتين استاذ التاريخ بجامعة كمبردج ببريطانيا الذي نشر مؤخراً مقالاً له في صحيفة الاندبندنت البريطانية قال فيه إن العراق فضح غرور الاستراتيجية الأميركية حيث تبين أنه بلد لا يملك أية أسلحة متقدمة قياساً على الآلة العسكرية الأميركية لكنه أي العراق استطاع أن يكبل هذه الآلة الأميركية ويعطل قدراتها في بسط سيطرتها على العراقيين. واحتلال العراق كما يقول درتين كشف أيضاً عن أن التفوق في الفضاء لا يضمن للمحتل سيطرة كافية على الأرض إضافة إلى أن هذا الأسلوب التدميري الاحتلالي للآخرين يزيد بدون شك من اتساع الجبهة المعادية لأميركا تحت تأثير الخوف أو القهر أو الرفض لها وهذا ما حصل في العراق وافغانستان ولبنان. ثانياً: إن فكرة مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تسارع أميركا للبدء به هي فكرة تتسم بأشد أنواع الغباء السياسي والفكري, إذ طالما أنه لا يعالج أسباب الصراع العربي الصهيوني والبحث في جوهر المشكلة واكتفائه في معالجة بعض القشور التي بالطبع تصب في خدمة الصهيونية فكرا وهدفاً فهو إذاً مشروع يفتقد لأبسط معايير النجاح. هذا إذا ما أضفنا إلى ذلك النتائج الواضحة ميدانياً للعدوان, الإسرائيلي على لبنان الذي هو بالطبع مقدمة للبدء في هذا المشروع, والتي تجسدت بالهزيمة النكراء التي ألحقتها المقاومة البطولية لمقاومي حزب الله بالجيش الإسرائىلي. ثالثاً: إن صاحب هذا المشروع وبالطبع هو الولايات المتحدة أثبتت أنها بسياستها الجديدة للسيطرة على العالم, تفتقد لأبسط معايير النزاهة والحياد فهي ليست منحازة لإسرائىل فقط, بل كما بينت مجريات العدوان الإسرائىلي على لبنان, كانت ولا تزال خصماً وشريكاً فيه لأن القتال ليس ضد اللبنانيين بل ضد العرب وهذا ما جرى بالأمس القريب في العراق وبالأمس في فلسطين حيث الأيادي الأميركية ملطخة بالدماء العربية ولهذا لن يزيد العرب هذه الاستباحة لدمائهم إلا المزيد من الكره الغضب والمقاومة لهذا المشروع الأميركي الاستعماري الجديد. رابعاً: إن أصحاب مشروع الشرق الأوسط الجديد- الأميركيين- قد أدركوا من خلال عدوانهم وحربهم الوحشية ضد لبنان بواسطة رأس حربتهم اسرائىل أنهم ارتكبوا خطأ فاحشاً حين تصوروا أن المسألة منتهية تماماً ولن تطول سوى بضعة أيام للقضاء على حزب الله وبالتالي قضائهم على حماس, وهم صوروا لغيرهم حتى لبعض العرب أن هذين الفصيلين (حزب الله وحماس) ليسا إلا بؤرتين شاذتين وسط العالم العربي وقد حان الوقت لاقتلاعهما حيث ستستقيم من بعدهما الأمور وللأسف تقبل الفكرة هؤلاء وانساقوا وراءها لكن ليحصدوا مع الأميركيين والصهاينة الخيبة والمرارة معاً. لقد اندهش الأميركيون والإسرائيليون ومن دار في فلكهم من التصميم البطولي للمقاومة التي أبداها مقاتلو حزب الله وكذلك حماس الفلسطينية رغم ما تعرض له الشعبان الفلسطيني واللبناني من قتل وتدمير واستباحة لحرماته- وهذا الاندهاش بل هذه المفاجأة في مقارعة الجيش الذي لا يقهر لم تآت من فراغ ذلك لأن حزب الله وحماس يمثلان في حقيقة الأمر مشروعاً نهضوياً جديداً للأمة. مشروعاً يرفض الذل والهوان ويصر على المقاومة. ولهذا فإن أحلام أميركا واسرائىل في القضاء على هذه المشروع على مدار أيام معدودات قد ذهبت أدراج الرياح وبالتالي تأكد للأميركان والإسرائيليين بموجب هذا الصمود المشرف لمقاتلي حزب الله وحماس أنهم يعيشون في أحلام يقظة ولهذا نجدهم قد غيروا من سقف مطالباتهم مع انتهاء الأسبوع الأول للعدوان الإسرائىلي وبدؤوا في تخبط واضح في كيفية الخروج من هذه المحنة التي لم يتوقعوها في هذه المنازلة التاريخية. إن على أميركا واسرائىل ومن يدور في دائرتهم أن يعلموا جيداً كما أكدته الوقائع أن القضاء على حزب الله وحماس يغدو أمراً في غاية الاستحالة ومهما بلغت شدة وقساوة وضراوة ما وجهوه لهما عبر وسائل القتل والتدمير لن يحول دون توسيع قدراتهما والتفاف الشرفاء حولهما كي يحملوا شعار المقاومة ويرفعوا رايتها. كما أن أميركا واسرائىل لم تتعلما من أنهما أعجز عن السيطرة أو التأثير الانساني الخلاق للجماهير العربية وأنهما مازالتا إلى اليوم ضحية غرورهما غرور القوة. لكل هذه الأسباب نؤكد للذين يرتمون في أحضان الإمبراطورة أميركا ويستجدون أمام أبوابها بأن مشروع الشرق الأوسط الجديد لن يكتب له النجاح وبأن الحق العربي لن يسترد ولن يحميه إلا الإرادة العربية القوية وما يمثله اليوم حزب الله وحماس من إرادة صلبة للدفاع عن الهوية والمستقبل العربي ما هو إلا بداية الطريق العربي لاسترداد الكرامة والهوية والحقوق المغتصبة. |
|