|
منوعات لقد قرأها كل اللبنانيين العروبيين الذين يدافعون عن لبنان ولا يرضون لبلادهم أن تصبح ساحة مستباحة للنفوذ الصهيو أمريكي.. إنها رسالة التأكيد على ذلك الشريان المتواصل والدم والقرابة والتاريخ والجغرافيا الممتد بين ثنايا البلدين.. ولذلك فإن الحرص على وحدة لبنان ووحدة الخيار بين جميع اللبنانيين كان أحد أهم مفردات الرسالة السورية التي تردد صداها في بيروت وهي تئن اليوم تحت ضربات عدوٍ إسرائيلي همجي وحشي مدعوم من قوى الصلف والاستكبار في العالم.. ولعل هذه الرسالة تذَّكر بعض المتناسين بأن دمشق حريصة على لبنان بهويته القومية العربية والذي يدافع عن وجوده ومحاولات محوه عبر مشاريع وخطط سياسية فشلت القوة العسكرية الإسرائيلية الغاشمة والبربرية في فرضها عبر المجازر الوحشية والإرهاب المنظم.. فانبرت القوى الداعمة لإسرائيل لتساعدها على أن تأخذ بالسياسة ما عجزت عنه بالحرب عبر مجلس الأمن الذي تحول إلى ألعوبة في يد الولايات المتحدة وحلفائها.. وقد أعلنت سورية صراحة ودون أي مجال للتأويل أنها تدعم كل ما يتفق عليه اللبنانيون.. ولا شك أن نجاح الزيارة في هدفها ومضمونها شكل نقطة فارقة في العلاقات الأخوية بين البلدين رغم أنها أثارت حفيظة بعض صغار القوم ومراهقي السياسة والنكرات الذين حاولوا التشويش عليها.. لكن مساعي هؤلاء لم تجلب لهم سوى الخيبة والخسران ومرة جديدة أثبتت سورية أنها الأخ الذي لا يخشى في الوقوف إلى جانب أخيه لومة لائم.. نحن ندرك أن هذا الأخ غاضب وغير راض عن مستوى دعم الدول العربية الشكلي والمحدود والذي سبقهم فيه حتى رئيس فنزويلا ولكننا مقتنعون تمام القناعة بأن النظام الرسمي العربي سيكون مضطراً في الأيام القادمة للاستجابة إلى مطالب وتطلعات الشعب العربي الذي بدأ حالة نهوض حقيقية وحراك يدعو للتفاؤل فالتظاهرات والاعتصامات وحملات التأييد للبنان وللمقاومة شملت كل البلدان العربية الأمر الذي لم ترق إليه قرارات وزراء الخارجية العرب التي بخلت حتى في توجيه التحية للمقاومة اللبنانية الباسلة.. علماً أنها وحدها التي أحدثت تحولاً نسبياً في الموقف العربي الرسمي وأعطته القوة والزخم في مجلس الأمن كما أعطت القوة لموقف لبنان للتأثير في مجريات الأحداث وفي مشاريع القرارات المعروضة على مجلس الأمن لتلبية مطالبه المشروعة.. وقد أصبح واضحاً لكل ذي لبٍ أنَّ ما شهده لبنان منذ سنة ونصف كان منسقاً ومخططاً ومرسوماً وموضوعاً ضمن جدول زمني محدد وفق الأجندة الأمريكية للشرق الأوسط الجديد.. وإنه لمن قبيل إهانة العقل القبول بأن ما جرى جاء صدفة.. ووصل هكذا بمحض تفاقم الأشياء... إلى العدوان الإسرائيلي المجرم الذي فاق كل التصورات, كانت المذبحة الجماعية فيه للحجر والبشر الوسيلة المباشرة لتحقيق الأهداف الصهيو أمريكية في لبنان والمنطقة.. والآن وبعد ثلاثين يوماً من العدوان الإسرائيلي نتساءل هل نجحت الخطة الأمريكية الإسرائيلية في لبنان..?! واهمٌ من يتصور ذلك.. لقد جاء الرد.. حاراً عنيفاً.. نبيلاً.. شجاعاً.. بل أسطورياً.. وتحطمت الأكذوبة.. على تلال مارون الراس.. وعيترون.. وبنت جبيل.. وعيتا الشعب.. والطيبة.. والبياضة.. كانت المقاومة اللبنانية بتنظيمها الراقي ولغتها العاقلة وصمودها الباسل.. وتصديها المفاجىء للوحش الإسرائيلي.. كانت المقاومة المفاجأة للأجندة الصهيو أمريكية.. مؤكدةً.. أنه إذا كان ثمة دورٌ لأحد.. لأي عربي مخلص فهو عبر المقاومة ذاتها وفي دائرتها.. لا خارجها.. وقد أدركت الجماهير العربية بحسها السليم والنقي هذه الحقيقة.. فاندفعت إلى الشوارع والساحات هاتفةً للبنان وللمقاومة.. وأعلنت أنها من هذه المقاومة وأنها الدرع الحصين والسقف العالي.. ولن يفيد أحدٌ ما يحاك في الغرف السوداء وولائم السفارات المغمسة بدماء أطفال قانا وصريفا وعمال القاع.. إن المستقبل بل الحاضر لن يرحم أحداً.. والناس المؤمنون بحقهم في حياةٍ حرة عادلة كريمة متحررة من التهديد والمجازر.. لن يفتّ في عضدهم مجموعات هامشية فارت كالزبد.. لأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض.. أما الزبد فيذهب هباء... لقد استطاعت المقاومة بأسلوب خطابها العميق الدلالة ووقوف مئات الملايين من الجماهير العربية والإسلامية خلفها وأد مشروع الفتنة الأمريكي الصهيوني.. وفرضت على الأدوات الصمت والتراجع والانكفاء.. وأعادت الحقائق إلى المربع الأول: إسرائيل هي سبب كل الشرور في المنطقة.. ولن يضيع أحد البوصلة بعد الآن.. المتآمر واضح والعميل واضح.. والمقاوم واضح حتى الشهادة.. لن تنفع بعد الآن الفبركات واللعب بالكلام والاختباء تحت الشعارات الكاذبة.. |
|