|
الافتتاحية خصوصاً أن ولاة نعمته من الأعراب أخرجوا مافي جوفهم من حقد تسقطه طائراتهم قتلاً وتدميراًفي اليمن. لم يتركوا باباً للكذب إلا وتورطوا فيه، ولم يتركوا مساحة للدجل إلا وكانوا جزءاً منها، لم يجدوا مناسبة لتقديم ولاءات الطاعة إلا وأقدموا على أكثر بكثير مما هو مطلوب منهم، والأخطر أنهم اسنفدوا دورهم الوظيفي الذي شغلوه على مدى السنوات الماضية. لكن يبدو أنهم أفلسوا، حيث حبل الكذب القصير لم يسعفهم في عدوانهم على اليمن، ولم يكن بمقدورهم أن يتجاهلوا الحقائق أكثر من ذلك، فنطق «نبيلهم» بما تحرجوا به، حين تحدث بأنهم لأول مرة يشعرون بالخطر.. وهو صحيح بحكم أن كل ما تعرضت له الأمة في تاريخها قديمه وحديثه لم يكن يعنيهم، ولم يشكل عليهم خطراً في يوم من الأيام بما فيه وجود إسرائيل، وبعدها وقبلها الكثير من المحن والنكبات والكوارث. اليوم.. تتلمّس الأعراب بأن وجودها أضحى في مهبّ الريح، وأن هذا الوجود الوظيفي مهدد بالاضمحلال إن لم يكن بالزوال، ولأول مرة تشعر بالخطر الداهم الناتج عن انتهاء صلاحية استخدامها، وأن الخرائط القادمة نحو المنطقة.. من غربها ومن شرقها.. لا تتسع للحظ وجودهم، ولا تقوى إحداثياتها على ذكرهم أو الإشارة إلى رمالهم التي بعثرتها حماقتهم وأوهامهم. هذا السعار الأعرابي نحو القتل والإجرام التي تلوح فيه أصابع الإسرائيلي وخصوصاً بعد المذبحة المروعة التي نفذتها طائرات آل سعود على مخيم للنازحين، هذا السعار تتضح ملامحه وأهدافه، وتتبلور صيغه النهائية على شكل أعاصير من الهيجان الحاقد على الأمة ووجودها، وقد رموا بكل أوراقهم في السلة الأميركية والجعبة الإسرائيلية بعد ان أدركوا بغريزة الوجود أنهم مهددون أكثر من أي وقت مضى وأن كل ما جرى في الماضي قد تم تداركه أو استيعابه دون أن يؤثر في مجرى الدور الوظيفي، غير أن التطورات الأخيرة قد دفعت باتجاه المواجهة الحتمية، فبان الوجه المخفي وسقطت الأوراق جميعها، بما فيها ورقة التوت. المفارقة أن الأعراب وقوافل الملتحقين بها سيجدون أنفسهم مضطرين للوقوف أمام مرآة الحقيقة - ولو بعد حين - التي داوروا حول حوافها يميناً وشمالاً، ومارسوا طقوس التضليل والنفاق والخداع على مدى عقود، ولن يطول بهم المقام حتى يقروا بما عملوا عليه ومن أجله سنوات بعيداً عن طقوس نشأتهم وتقاليد وظيفتهم، حيث المعادلة الناشئة لا تقبل الحلول الوسط ولا تعترف بناتج الخيارات المتاحة دون ان يكون مرتبطاً بالمهمة الوظيفية التي جاء وقت التلويح باغلاق الستار عليها. ورغم ما يحيط الحالة من تهويل وما يرافقها من ضجيج وما يلازمها من عناوين مثيرة وصاخبة فإن ما نطق به العربي الفاقد لمعنى اسمه كان يعبّر عن الحقيقة بمرارتها وعن الواقع بكل ما يحمله من سوداوية مطلقة، حيث المشيخات ومن جرى وراءها يجزم بأن المعادلات وصلت إلى خواتيمها رغم ما يعتريها من فواجع ونواقص، ولا بد من فتح الأوراق المؤجلة في الدور والمهمة والوظيفة. الأعراب تشعر لأول مرة بالخطر، هذه حقيقة ماثلة لكن الحقيقة الأكثر حضوراً أن تهوّرها يعجّل في نهاياتها أكثر مما يؤجل، والحماقة تُظهر مدى ضعفها وهشاشة أوراق دعمها أكثر مما تُبرز أوجه القوة فيها، وأن مراهنتها على الرصيد الأخير من شعارات الكذب والنفاق يسرّع من فضيحة وجودها، وأن تعويلها على خرائط وهمية جاء في الوقت البدل من الضائع، حيث الرسائل تكشف عن مضمونها من العناوين، وكل العناوين تجزم بأن المهمة الوظيفية والدور الوجودي قد وصل إلى نهاياته المحسومة. ما عدا ذلك، سواء كان باعتراف صريح أم عبر إقرار موارب، أو من خلال هروب إلى الأمام، لا يغيّر في الواقع ولا يعدّل في الاتجاه، وكما اعترفت لأول مرة يبدو أنها مضطرة أن تسلّم بأنها قد تكون الأخيرة التي يتاح لها حتى فرصة الاعتراف..!!! |
|