تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من ثنائيات إلى بصمات إلى الأغنية السياسية...هل يخلصونه من تهميشه؟!!

فضائيات
الأربعاء 19-5-2010م
سعاد زاهر

تبدو صورة المثقف في تلك الأفلام الوثائقية تبحث عن رؤى أخرى أبعد من الكلام،الكلمات هنا تنسحب إلى الخلف ..كل الأبعاد الحياتية التي كونت الكاتب لنرى أهم ملامح حياته موثقة...

على هذا النمط قدمت قناة الجزيرة وثائقية، عدة أفلام تعنى بحياة المبدعين في مجالات الثقافة والفن ..آخر ها أتى على شكل سلاسل وثائقية هي (ثنائيات،و بصمات والأغنية السياسية)...‏

كل فيلم من الثنائيات...حمل عنوانا مختلفا(مازلنا معا)لحكاية الثنائي الفلسطيني (إسماعيل شموط وزوجته تمام الأكحل) ..اختار صناع الفيلم تقديم زوجته تمام ،لتروي حكايتهما ،حكاية ثنائي شغل حياتهما الإبداع...‏

منذ بداية الفيلم نراها تتجول في مكان فارغ إلا من لوحاته..على وقع موسيقا تسير ببطء تحمل اللوحات تنفض عنها شيئا من تعب السنين...تبدو كمن يلتمس السلوى من تلك اللوحات التي ما إن تلمسها حتى نشعر أنها تبدو كمن فقدت صاحبها أو زوجها أمس..تلك القبلة التي طبعتها على صورته..تبين لنا كمشاهدين كيف صنع فنهما بحميمية صادقة ،ربما كان لهذا المزيج الحياتي والفني أثره في خلق تلك اللوحات التي حاول كل منهما ألا تتأثر بالآخر...‏

على هذا النحو تمضي بنا (الثنائيات)لتقدم لنا الجزيرة الوثائقية أسبوعيا حلقة مع مبدعين انسجموا معا في الفن أو الحياة،لتصيغ حالة (الثنائي)تجربتهما وتكون المؤثر في تكويناتها، و لولا هذا الانسجام لما أصبحت التجربة على ما هي عليه..‏

(ثنائيات الحلم الواقع)تناول القناعات الفكرية التي اتفق عليها السيناريست المصري أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبد الحافظ. لتعزيز مسيرتهما في إنتاج الدراما الاجتماعية، ليستعرض الفيلم سيرة ومسيرة التعاون بين عكاشة وعبد الحافظ التي أحدثت شكلا مختلفاً في الدراما المصرية وطرق التعامل مع قضايا مجتمعه...‏

« ثنائيات هي وهو» استعرض مسيرة فنانين مغربيين هما خديجة أسد وعزيز سعد الله اللذان بدأا مشوارهما في المسرح الفكاهي. وتناولا بالنقد الساخر قضايا سياسية واجتماعية في المجتمع. وقد حظي أسلوبهما المسرحي بالرواج والقبول، وعرفا أمام الجمهور المغربي كممثلين وزوجين.‏

أما سلسلة(بصمات) التي أنجزتها قناة الجزيرة الوثائقية للعام الحالي  تتكون من حوالي خمسين حلقة مدة الواحدة منها 26 دقيقة.  في كل حلقة يتعرف المشاهد على شخصية أبدعت في مجالها وتركت بصمة للأجيال التي تلتها.‏

من الشخصيات التي اختارتها غالب هلسا، سعد الله ونوس....استعرضت في كلا الفيلمين إبداعات وحياة كل منهما،من خلال لقاءات مع من كانوا على اطلاع بتجربتهما الإبداعية ليوثقا مسيرة إبداع وحياة...‏

تستمر السلسلة لنتعرف على بصمات أخرى،مثل «بصمات: طلعت حرب»، وهو الوثائقي الذي يستعرض حياة وإنجازات طلعت حرب رائد الاقتصاد المصري الحديث وتجربته في إنشاء أول بنك مصري وطني يديره المصريون بالكامل ...‏

«بصمات: رائد صلاح»، تحدث عن شخصية الشيخ رائد صلاح والمؤسسات الإغاثية التي أنشأها لمناصرة الأقصى والمقدسات الإسلامية وعرب الداخل «48» أمام استمرار الانتهاكات والمضايقات الإسرائيلية.‏

سلسلة الأغنية السياسية يأتي عبرها التذكير ليس فقط بهذا النوع من الفن الذي يعيش حاليا تراجعا كبيرا،بل وبالقضايا التي ارتبط بها والروح الذي تحركه...السلسلة تقدم كل فيلم بمعزل عن الآخر هكذا نرى «الأغنية السياسية: في مواجهة التذويب»، يتناول مساهمة الموسيقيين الفلسطينيين داخل المناطق المحتلة عام 1948 في مسيرة النضال من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية في مواجهة التهويد والتذويب الإسرائيلي،‏

في لحن الحرية تابعنا مسيرة الفنان المغربي سعيد المغربي. والمراحل المختلفة من تلك المسيرة والآلية الفنية التي تصدى بها مقاوما حالات الظلم والقهر، وكيف سجل بأغنيته مواقف سياسية متمردة على النظام السياسي حينها، والثمن الذي دفعه نتيجة مواقفه تلك عندما اضطر للعيش في المنفى.‏

يثير فيلم «أصالة أم تقليد؟» سؤالا جوهريا بشأن وجود خصائص تميز الأغنية السياسية في فلسطين منذ احتلالها عام 1948 وحتى اليوم.‏

فيلم «على يسار النوتة» تناول الأغنية السياسية والتي وجهت فوهة آلاتها الموسيقية نحو الاحتلال الإسرائيلي. كما يتناول الفيلم ظروف نشأة هذا النوع وأهم رواده كالفنان مارسيل خليفة ،خالد الهبر وآخرين... ممن واكبت أغانيهم القضية الفلسطينية والمقاتلين على جبهات المواجهة مع إسرائيل، فكانت تستلهم منهم تارة وتلهمهم تارة أخرى.‏

ولم تكتف الجزيرة الوثائقية بهذه العروض المختلفة التي قدمتها بشكل وطرح مختلف لتقترب من روح الثقافة والإبداع العربيين...بل تعمد بين فترة وأخرى إلى بث نوعية مختلفة من الأفلام مثل دمشق –سيمفونية مدينة الذي نقلت فيه نبض مختلف لمدينة دمشق..وفيلم للمترجم صالح علماني الذي دمجت فيه الحياتي بالثقافي مبينة أثر التنقلات التي عاشها من إسبانيا إلى كوريا على ترجمته وعلى فهمه المختلف والعميق للثقافة الإسبانية التي يترجمها بشغف المبدع...‏

بدت الجزيرة الوثائقية ولفترة طويلة وكأنها تخيب آمال متابعيها ..ولم تتمكن من الارتقاء إلى مستوى الجزيرة الإخبارية،بهذه الأفلام التي تقدمها ،إنما تحاول بعث روح جديدة وكأنها تعدنا أنها ستجعل من برامجها إطلالة ليس على حياة المبدعين فقط،بل إطلالة مستمرة على فيلم وثائقي يحاول أن يزيح عتمة الزوايا منطلقا على الفضائيات ،فهل يتمكن الإفلات من هذا التهميش ...!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية