تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفنان عصام حمدي « نورريم» في غوته..عفويـة الأداءالتعبيـري فـي فضــاء مـن التجريـد

ثقافة
الأحد 28-2-2010م
قصي بدر

أبلغ ما يقال عن الفنان عصام حمدي أنه مغامر حتى الثمالة، هذا ما يصرح به العرض الحالي له وما يؤكده مسار تجربته التي تمتاز بالخوض الجريء لعوالم

وفضاءات تشكيلية معاصرة فيها من الابتكار والاقتحام الجريء لعوالم اللون بقدر ما فيها من التمثل للهيئة التصويرية والغرافيكية في المنتج الفني ليبدو العمل الابداعي في النهاية مكتنزاً بقيم جمالية متعددة لدى الفنان حمدي.‏‏

ويعرض الفنان أعماله هذه في صالة الفنون بالمركز الثقافي الألماني «غوته» بدمشق. وهي لوحات بأبعاد كبيرة إضافة لأخرى بأبعاد متوسطة ترتبط بأعمال يمكن أن تندرج ضمن ما يسمى التركيبة حيث تلتف الأقمشة المشغول عليها تصويرياً على أجساد تمثيلية صناعية تنتصب أمام بعض اللوحات لتؤلف وإياها توليفة منسجمة ومتفاعلة تؤثر بصرياً بشكل ملحوظ ويحيل من خلالها الفنان السطوح التصويرية إلى العلاقة التي تربطها إنسانياً بالبشر ومدى تأثيرها عموما، ويضاف لذلك الأثر المتنوع المرتبط باختلاف موقع الناظر أو المتلقي، وهنا تكمن حيوية أخرى للأعمال هذه تضاف للقيم الملموسة في الأعمال كلها.‏‏

يحاول الفنان حمدي في عمله الدؤوب البحث المضني والمرهق ذهنياً عن احتمالات مفتوحة ولانهائية للأثر اللوني الذي تتركه الفرشاة أو أي أداة أخرى يلجأ إليها وذلك في حالة من التفاعل الخلاق والعميق مع السطح الذي يشتغل عليه ويجعل منه في أغلب الحالات أفقياً يتنقل عليه تاركاً حتى لقدميه فرصة ترك أي أثر ومانحاً لنفسه مزيداً من الحرية أثناء الفعل التشكيلي هذا، عندما تكون أبعاد اللوحة كبيرة. وهنا تكون لدى حمدي مجالات كبيرة من اللعب وخلق الأشكال والتحكم بكميات السائل اللوني المفروش والذي يتماهى مع القماش تاركاً مساحات لونية متنوعة بين شفافية تظهر من خلالها ملامس الأقمشة أو صراحة لونية على اختلاف الدرجات أو الألوان.‏‏

تتقاطع البقع اللونية المتجاورة مع الأبيض أو فيما بينها في مواقع كثيرة من السطح لتؤلف نسيجاً غنياً من المادة التي تكشف عن صياغات شكلية متنوعة بإسقاطات متعددة تقترب من أشياء كثيرة مذكرة بها إنما بحلة جديدة ومبتكرة ذات جماليات واضحة، فالجسد الإنساني حاضر بشكل كبير وبأشكال متعددة توحد فيما بينها روح الفنان العبثية والمنظمة في آن معلنة حركية وحيوية تصبغ مجمل الأداء.‏‏

بعض شخوصه بدا كوشاح أبيض مهترئ يظهر العمق المعتم من بين تشققاته والفراغات التي تبدو كبيرة في بعض الأماكن على سطحه وتحمل هذه الشخوص إشارات مختلفة بين الرقة والقسوة أو الضعف والجبروت وهي ذات سطوة أينما انزاحت الدلالة، فالناحية الجمالية تنسحب على جميع الشخوص مهما كانت هيئاتها أو تقانة ايجادها. وأما الوجه فحضوره في إحدى اللوحات بشكل واسع وأبعاد كبيرة لهو إعلان لنجاح كبير عند اللعب في البرزخ الرفيع بين ما هو تجريدي وتعبيري.‏‏

في حضرة الأداء العالي للفنان حمدي، حيث إن الملامح التعبيرية تعكس الحالة التي تختبئ في دواخل هذا الوجه الذي تبدو خطوطه ومادته اللونية بتأثيراتها التجريدية بليغة التعبير والتأثير ضمن هذا الاختزال الموفق.‏‏

هناك اختلاف أو بالأحرى تنوع في إخراج الأعمال الفنية هذه وفي التصميم الداخلي لكل منها فأكبر لوحة في العرض عبارة عن مقاطع مربعة متجاورة ومتتالية بترتيب هندسي كسرت رتابته وحدة التأثير البصري والفني اللوني والشكلي لكل جزء منها. وبلوحة أخرى والتي لجأ فيها الفنان إلى تقنية الكولاج عبر تنزيل أجزاء صغيرة من صور جاهزة وأشياء أخرى وفصل بينها بخيوط بيضاء رفيعة رأسية وأفقية، يؤكد الفنان حمدي انسجام هذا الأداء مع عموم آلية فعله في لوحة البورتريه أو الأعمال التركيبية أو المساحات التي تصدرها الشخوص بتراتبية معينة خالقة مقاطع رأسية متجاورة ذات حضور لافت.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية