تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل تصلح مذكرات كازانوفا من سمعته؟

فضاءات ثقافية
الأحد 28-2-2010م
لم يكن التاريخ منصفا مع (جياكامو كازانوفا) فقد قلص من اسهاماته في الثقافة الغربية الى استخدام اسمه كمرادف للرجل زير النساء! لكن هذا قد يتغير قريبا, فقد اشترت المكتبة الوطنية الفرنسية مخطوطة بخط اليد لمذكرات العاشق الشهير الذي عاش في البندقية

, والتي كان يعتقد في البداية أنها تبددت في نهاية الحرب العالمية الثانية، وربما تكون بداية عملية تصحيح لسمعة كازانوفا. دفعت فرنسا نحو 2ر7 ملايين يورو - للمخطوطة التي تقع في 3700 صفحة, وتعتزم وزارة الثقافة نشر طبعة نقدية لهذه المخطوطة واقامة معرض لها.‏

اكتُشفتْ مذكرات كازانوفا التي تضم 3700 صفحة من الأوراق الصفراء الشاحبة وتحمل اسم «قصة حياتي» معبأة في 12 صندوقا نقلت إلى خزينة قبل أيام فقط من قصف قوات الحلفاء لألمانيا عام 1945. وقالت ماري- لور بريفوست امينة المكتبة الوطنية الفرنسية «خلال الحرب العالمية الثانية قصفت ليبزيغ، لكن هذه الصناديق اكتشفت في الطابق الأسفل للبنك الذي كانت تحتفظ به. وهي في حالة طيبة».‏

وأضافت بريفوست «كل فرد في ذلك الوقت تأثر عند العثور على هذه المخطوطات اليدوية. حتى تشرشل سأل عما إذا كانت قد نجت من القصف». من جهته قال برونو راسين رئيس المكتبة «مخطوطات كازانوفا هي أكثر مشتريات المكتبة أهمية حتى الآن.. وبالطبع هذا حدث عظيم من وجهة النظر المتعلقة بالثقافة والتراث». ويصف كازانوفا مغامراته العاطفية في هذه المخطوطات التي نقحها باستمرار حتى وفاته في 1798.‏

وأضاف راسين «أنها واحدة من أكثر النصوص المنشورة في العالم حيث هناك مئات ومئات من الإصدارات, وهي دائما تصحح وتبسط ويجري التحقق منها وتفنيدها. ولذا فالمهم لنا هو التوصل للحقيقة الموثوق بها». موّل شراء هذه المذكرات متبرع خاص, وتأمل المكتبة في أن تعرض هذه المخطوطات في خريف عام 2011. يقام المعرض الأول لهذه المخطوطة في باريس عام 2011 ثم قد يتنقل الى فينسيا وربما بعدها الي برلين. فاذا ما سارت الامور بشكل جيد فإنها ستكشف عن رجل أكثر حكمة وفلسفة مما كانت تكشف سمعته. وإن قصة حياته أكثر من مجرد مذكرات شخصية كاشفة. كتب كازانوفا في سيرته الذاتية التي نشرت بالانكليزية تحت عنوان « قصة حياتي»: « أود دائما أن أعترف أنني المسؤول الأساسي عن كل خير أو شر ارتكبته».‏

ولد جياكامو كازانوفا في فينسيا في 2 نيسان عام 1725 وهو الابن الاكبر بين ستة من الاطفال, لأب وأم يعملان بالتمثيل.توفي والده عندما كان صبيا وكرّست أمه نفسها لمستقبلها كممثلة أكثر من رعاية أطفالها. ومن المفارقات الغريبة أن العمل الأول له كان قسيسا, لكنه تخلى عن هذه الفكرة في نهاية الامر, ويعود الفضل في هذا بصورة واسعة الى قسيس. اكتشف كازانوفا ولعه بالنساء, وهو يعيش مع معلمه الأول آبي جوزي. وكما يروي فقد شغفت به بيتينا الابنة الصغرى لآبي عندما كان في الحادية عشرة من عمره.‏

بعد فضائح متكررة قضت على أي امكانية في أن يكون له مستقبل داخل الكنيسة كمحام, صار كازانوفا بسرعة جنديا ومقامرا وعازفا على آلة الكمان. انتهى اسلوب الحياة المدمر هذا عندما أنقذ حياة سيناتور ودخل من ثم الى حياته الأسرية. لكنه لم يستطع التخلي عن اطلاق النكات والمقامرة والحب واضطر فى النهاية لترك فينسيا. ثم سافر الى المدن الكبرى في أوروبا - باريس ودرسدن وبراغ وفيينا- وعاد الي فينسيا عام 1753 حيث اعتقل لمدة عامين فيما بعد « بسبب موجات الغضب العام ضد الدين المقدس». وخطط عملية هرب جريئة مع قس متمرد وعاد إلى باريس. وفي باريس صار روزيكروشي (عضو جمعية سرية اشتهرت في القرنين الـ17 والـ 18 وزعمت انها تملك معرفة سرية للطبيعة والدين) كما صار عالما في الكيمياء القديمة وغايتها تحويل المعادن الخسيسة الى ذهب, واكتشاف علاج كلي للمرض ووسيلة لإطالة الحياة الى ما لا نهاية, ثم انتقل الى دوائر النفوذ حيث صار جاسوسا وعمل في بيع السندات ومقاولا.‏

ظل بقية حياته يتنقل هنا وهناك, ويتطلع لكسب قوت يومه بمختلف السبل. وفي انكلترا حاول بيع فكرة يانصيب حكومي. وعن الانكليز كتب يقول « الشعب له شخصيته الخاصة... التي تجعله يعتقد انه أعلى من الاخرين. انه اعتقاد تشارك فيه جميع الامم وكلها تعتقد انها الافضل. وانها على حق «. قضى كازانوفا الـ 12 عاما الأخيرة من حياته في المنفى, معزولا في قلعة ضجرة فيما يعرف الآن بجمهورية التشيك. وهناك كتب سيرته الذاتية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية