تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ماذا يفعل الأميركيون هنا ؟

البقعة الساخنة
الأربعاء 20-6-2012
خالد الأشهب

حتى الخروقات والانتهاكات والاستباحات عندما تتكرر وتتعدد في المكان ذاته أو في غيره, تتحول في نظر أصحابها ومرتكبيها إلى «حقوق مكتسبة» رغم كل ما تنطوي عليه من أبعاد جرمية وغير إنسانية , وتكتسب نوعا من مشروعية العرف السائد بالتقادم !

مثل هذا يحدث اليوم حين يتساءل الأميركيون مثلا ومعهم أصدقاؤهم وعملاؤهم : ماذا يفعل الروس في شرق المتوسط ؟ وكما لو أن من المشروعية بالنسبة إليهم أن يأتوا هم من وراء المحيطات ويستوطنوا الشرق الأوسط نهبا وهيمنة وتخريبا , وليس من هذه المشروعية ذاتها أن يأتي الروس والصينيون ولو لمجرد الصداقة والتعاون الإيجابي مع دول وشعوب المنطقة !‏

هذا نموذج من عقلية التسلط والهيمنة التي تسير وتحكم سلوك الأميركيين , ليس في المنطقة العربية فحسب بل وفي العالم أجمع طيلة العقدين الماضيين ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتي , ومن الواضح اليوم أن هذه العقلية لا تزال تحكم السياسة والسلوك الأميركيين في العالم وفي شرق المتوسط بشكل خاص , رغم المتغيرات الكثيرة الإقليمية والدولية الطارئة والتي لم تعد تمنح هؤلاء الأميركيين الفرصة والقدرة على الاحتفاظ بما يتوهمونه من السطوة والتفرد في شؤون المنطقة .‏

قمة بوتين أوباما أول أمس في المكسيك وما نتج عنها من مواقف وتوجهات مشتركة جاءت لتعيد رسم جزء من المشهد العام في المنطقة العربية , ولتقول إن ثمة مشهدا جديدا هو في طور التكون والتبلور ينسف مرتكزات المشهد السابق ويؤسس لمشهد جديد تملأ أميركا جزءا منه فحسب , فيما يملأ آخرون البقية !‏

لعل مرارة تجربة دول الشرق الأوسط خاصة ومعظم دول العالم عامة , مع الهيمنة السياسية والعسكرية الأميركية طيلة السنوات العشرين السابقة , تدفع بالكثير من هذه الدول والمجتمعات إلى التفاؤل بقمة بوتين أوباما بوصفها اقترابا جديدا من استعادة التوازن الدولي , سواء في تخفيف السطوة العدوانية الأميركية من جهة أولى , أو في كسب حلفاء جدد جادين وفاعلين من الجهة الثانية.‏

لعلنا نقترب من اليوم الذي تتساءل فيه دول المنطقة وشعوبها مجددا .. ماذا يفعل الأميركيون في شرقنا المتوسط ؟؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية