|
شؤون سياسية الأمر الذي يعكس جدية الاحتلال في تنفيذ نواياه وتهديداته التي تجد في هذا المناخ العربي والفلسطيني الحالي الفرصة الأنسب و ربما التاريخية لتنفيذها على الأرض ، وبالتالي فرض واقع جديد داخل الأراضي الفلسطينية من شأنه أن يغير كثيرا في معادلة الصراع العربي - الفلسطيني ، بحيث تتبعثر مع ذلك التبدل كامل مفردات المشهد الفلسطيني الذي يعاني أصلا من مجموعة من الأمراض الداخلية والخارجية بفعل عدة عوامل قائمة على الساحة الفلسطينية أبرزها الانقسام الداخلي الفلسطيني الذي اضعف الفعل الفلسطيني الى درجة كبيرة جدا وصلت حدود العجز المزمن ، هذا بالإضافة الى تلك التصدعات التي أصابت الجسم العربي من كل حدب وصوب بفعل تلك الضربات القاسية والموجعة التي تلقاها من بعض الأنظمة العربية التي باعت عروبتها وقوميتها الى دول الاستعمار الجديد التي تطمح بالسيطرة مجددا على العالم العربي ونهب خيراته وثرواته أكثر فأكثر ، والقضاء على روح العروبة والمقاومة والوطنية. وعليه فإن الأمر يحتاج الى تحركات فلسطينية عاجلة واتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقائية التي من شأنها ان تعيد الحياة الى الجسم الفلسطيني ومن ثم تقوم بتحصينه و رفع درجة مناعته الى حدود مقاومة من جهة كل الصراعات والخلافات والانقسامات الداخلية الفلسطينية والسيطرة عليها وإعادتها الى حدودها ونسبها ومساراتها الطبيعية ، ومن جهة أخرى رفع مناعة الفعل الفلسطيني الى حدود مجابهة كل الممارسات والمشاريع والمخططات الإسرائيلية التي تستهدف اغتيال الانسان والأرض والتاريخ الفلسطيني . إن الدلالات والمؤشرات على جدية الاحتلال في تنفيذ تهديداته تلك لا تكمن في ازدياد حدتها وتصاعد وتيرتها خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية فقط ، بل فيما كشفته العديد من المؤسسات الفلسطينية التي أجمعت على مباشرة الاحتلال وبشكل غير مسبوق بأكبر حملة حفريات أسفل المسجد الأقصى وفي محيطه ، متزامنا ذلك مع حملة تزييف غير مسبوقة للموجودات الأثرية. بهدف إيجاد مدينة يهودية مزعومة في جوف الأرض وعلى سطحها وفي محيط الأقصى. وفي هذا الشأن فقد كشفت مؤسسة ( الأقصى للوقف والتراث ) في تقرير لها الأسبوع الماضي أن ذروة الحفريات التي يجريها الاحتلال أسفل المسجد الأقصى وصلت لأبعد نقطة في الزاوية الجنوبية الغربية للمسجد الى أسفل الجدار الغربي ومصلى المتحف الإسلامي في المسجد، إضافة إلى حفريات متواصلة على امتداد الجدار الغربي للأقصى وما يسمى ( أنفاق الجدار الغربي) ، وبينت مؤسسة الأقصى إلى أن الحفريات طالت ساحة البراق التي تعتبر جزءا من حي المغاربة الذي هدمه الاحتلال عام 1967، كما طالت الحفريات بلدة سلوان بجميع أجزائها بدءاً من عين سلوان وصولاً إلى حي وادي حلوة المدخل الشمالي لبلدة سلوان. ومن المعلوم وبحسب مؤسسة الأقصى أن تلك الحفريات التي انطلقت قبل نحو 12عاماً عندما تسلم الضابط الاسرائيلي المتقاعد دورفمان إدارة سلطة الآثار، تركزت على ثلاثة محاور، أولها حفر شبكة من الأنفاق أسفل وفي محيط المسجد الأقصى، والمحور الثاني تأسيس حيز افتراضي تضليلي لمدينة يهودية في عمق الأرض وعلى سطحها في المنطقة الملاصقة والمجاورة للمسجد الأقصى، في حين أن المحور الثالث يتزامن مع الحفريات المذكورة ومع حملة تدمير ممنهجة للموجودات الأثرية التاريخية الإسلامية والعربية يوازيها حملة تزييف وتهويد للموجودات الأثرية، وادعاء باكتشاف غير مسبوق لموجودات أثرية عبرية من فترة الهيكل الأول والثاني المزعومين. وأكدت مؤسسة الأقصى أن مدينة القدس والمسجد الأقصى يواجهان اليوم أكبر هجوم تهويدي، الأمر الذي يستدعي من الحاضر الإسلامي والعربي والفلسطيني وضع خطة إستراتيجية قريبة المدى وأخرى بعيدة المدى لمواجهة وتصدي كل هذه الممارسات والاعتداءات الخطيرة بحقهما. تقرير مؤسسة الأقصى جاء بعد أيام قليلة من تقرير لـ(مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية) كشف فيه أن سلطة الآثار الإسرائيلية رصدت ملايين الدولارات لمشروع استيطاني ستقوم بتنفيذه جمعية ( ألعاد ) الاستيطانية في سلوان ، وذلك بالتزامن مع ما أكده المجلس الأعلى الفلسطيني للقضاء الشرعي عن بدء سلطات الاحتلال بحفريات جديدة هائلة وضخمة أسفل المسجد الأقصى المبارك وبلدة سلون الواقعة جنوبه ، مشيرا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى لابتلاع ما تبقى من المدينة المقدسة ومقدساتها، وما تم الكشف عنه يندرج ضمن مخطط أوسع وأشمل يستهدف القدس بكاملها يسمى (القدس 2020 ) والذي وضعته ما تسمى بلدية القدس عام 1994 والهادف إلى تغيير الطابع الديمغرافي والجغرافي للمدينة عبر زيادة عدد اليهود في أحيائها وتفريع المدينة من سكانها الأصليين وجعلهم أقلية لا تذكر من حيث العدد إضافة إلى بناء آلاف الوحدات الاستيطانية وتغيير المعالم العربية والإسلامية للمدينة. وبيّن المجلس الاعلى أن القدس ومقدساتها تعاني أوضاعاً صعبة وبالغة الخطورة نتيجة تصاعد حملات الاستيطان الإسرائيلي والاقتحامات المتكررة لساحات وباحات المسجد الأقصى والتي كان آخرها قيام مجموعة من المستوطنين وجنود الاحتلال برفع علم الاحتلال الإسرائيلي عند درج قبة الصخرة ، جاء ذلك في وقت حذر فيه مفتي القدس والديار المقدسة الشيخ محمد حسين من محاولات إسرائيلية لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى المبارك ، مضيفا ان إسرائيل تحاول خلق واقع جديد في المسجد الأقصى من خلال المحاولات المتكررة لإدخال المستوطنين إلى ساحاته بهدف الاستيلاء على جزء منه ، موضحا أنه وللمرة الأولى منذ احتلال القدس عام 1967 يدخل جنود الاحتلال إلى ساحات المسجد بزيهم العسكري ويرفعون علماً كبيراً لدولة الاحتلال، واصفاً هذا الأمر بالانتهاك الخطير. |
|