|
كتب
هذا الكتاب «الفنون والحرف السورية» نتيجة جهد وعمل جماعي تكون من ثلاثة كتاب مهتمين بالتراث السوري، هم (جوهانز كالتر، مارغريتا بافالوي، ماريا زيرنيكل) حيث اعتمدوا في مصادرهم على مكونات متحف (ليندين في شتوتغارت - ألمانيا)، وعرض مواد خاصة بالبدو سبق أن جلبها الباحث والمكتشف المعروف (أويتينغ) إلى ألمانيا في سبعينيات القرن الثامن عشر لدى عودته من رحلته إلى البلاد العربية وقد تمكن أمين قسم الشرقين الأوسط والأدنى في متحف ليندين في الفترة ما بين 1986 - 1989 من جمع أدوات منزلية يدوية وريفية من جنوب سورية وشمال الأردن. يؤكد فريق العمل الذي أنجز هذا الكتاب في مقدمتهم لكتابهم هذا (عندما بدأنا عملنا في هذه المجموعات أدركنا على الفور كيف انعكست التقاليد الاثنية الدينية للشعب السوري في غنى وتنوع أزيائه والرموز التي ترمي إليها، وفي نوعية مجوهراتهم أو في تميزها بألوانها الخاصة وتصاميمها. هناك أدوات وأشكال متميزة في ملابس الرجال والنساء حسب البيئة التي جاؤوا منها... فالتنوع الاثني والديني للتقاليد لم يكون الحياة السياسية والشعبية والمواقف الخاصة بها فقط، بل كون أيضاً المشهد التاريخي (الخارطة التاريخية لسورية). أسفر الاقتصاد ثلاثي الأقطاب في الشرقين الأوسط والأدنى المدني والزراعي والرعوي، عن طرائق مختلفة للحياة بكل منها ملابس وأدوات منزلية خاصة بها. إن الجزء الأكبر من المواد والمجموعات والأشياء المعروضة في هذا الكتاب هي نماذج عن الحرف اليدوية المدنية، وفي الواقع فإن أغلبية المواد والسلع الترفيهية تم إنتاجها في المدن والأمر ذاته بالنسبة للحاجات العادية التي تلبي مطالب سكان الريف والقرويين والبدو. وكقاعدة عامة فإن المجوهرات والحلي هي منتج مدني صرف، حتى لو تزين بها سكان الريف، لكن المدن لا تزود الأسواق المحلية فقط، وخاصة أن النماذج الجميلة التي صنعت في دمشق وحلب تم تصديرها منذ قرون عدة إلى مناطق خارج نطاق (بلاد الشام) مثل اليمن وإفريقيا وأوروبا، فالأدوات المنزلية المصنوعة من النحاس، وقطع الأثاث المطعمة بالصدف تم تصديرها إلى شبه الجزيرة العربية وإلى أوروبا أيضاً، عندما أصبح الديكور الداخلي (الشرقي) موضة العصر في النصف الأخير من القرن التاسع عشر. تم وصف تاريخ الثقافة المدنية في سورية الذي يعود لآلاف السنين من عدة وجهات نظر مشيراً إلى أهمية المدن كمراكز إدارية والتركيز على العلاقة التبادلية للسكان المدنيين والفلاحين والبدو، وبالتالي أهميتها كمراكز دينية وصناعية وتجارية كما وصفت بنية المدينتين الأكثر أهمية والمتنافستين جداً، حلب ودمشق، وكذلك تطور العمارة المدنية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. تضم مجموعة متحف ليندين أشياء تمثل نواحي الحياة المدنية كافة، تتضمن المجموعات حاجيات ذات استعمال خاص، وكذلك أدوات شخصية خاصة بالرجال والنساء، وكذلك أشياء تستخدم كثيراً بين الأوساط العامة والشعبية في الجامع وفي المدرسة، كأماكن للحياة الفكرية والدينية، القلعة كمكان للإدارة، السوق كمركز للتجارة الخارجية التي تعتبر أمراً مهماً جداً للمدن السورية، المقهى كونه المكان الرئيسي المريح لقضاء أوقات فراغ الرجال، وأخيراً وليس آخراً الحمام الذي ربما يكون مكان الاجتماع الأكثر أهمية بالنسبة للنساء إلى جانب أهميته في تلبية احتياجات كلا الجنسين من النظافة والراحة والصحة، إضافة إلى إقامة بعض الطقوس والشعائر الخاصة. يظهر تمازج المستلزمات العائلية الشرقية والأوروبية واضحاً في الأثاث الخاص بغرف الاستقبال النسائية والرجالية في منازل المدينة الكبيرة، وبالطبع يعتمد أغلبها على الأشياء المفضلة للسكان (الدواوين مع الوسائد المنجدة بقماش مقصب والتي تمت تغطيتها لاحقاً أقمشة إنكليزية مستوردة، وقد تم استبدالها بكراس مطوية مزخرفة، أو بكراسي كبيرة منجدة تعود إلى منتصف القرن الماضي. إن لمادة الحرير المستخدمة في تغطية هذه الكراسي عام 1880 وعام 1890 رسوماً وألواناً مشابهة للفن الأوروبي الحديث. توجد قطعة الأثاث الشرقي النموذجية في منطقة النساء وهي عبارة عن خزانة أو صندوق كبير من الخشب الفاخر المطعم بقطع من الصدف وتستعمل في مناطق الرجال والنساء صواني مدعمة بقوائم خشبية مطوية كطاولات، وهناك نماذج من قطع الأثاث المدنية عالية الجودة تكون ثقيلة، (الصواني النحاسية المطعمة بالفضة والمزينة بتنزيلات من الفضة ورسومات ذات أجزاء تحمل نصوصاً كتابية وصواني أخرى من النحاس المختلط مع معادن أخرى ومطلية بماء الذهب لحمايتها وحفظها من فقدان لمعانها. وفي نهاية القرن، أصبحت الطاولات ذات النمط الأوروبي والجوانب المطوية أكثر شعبية واستخداماً.. هناك أنواع من المهن والحرف اليدوية مثل القطع المبرومة المصنوعة من الخشب الملون مزخرفة بنقوش محفورة ومطعمة بالصدف، تشكل نماذج من المنتوجات السورية، في الربع الأخير من القرن التاسع عشر.. هناك أمثلة نموذجية عن نتاجات صناعية مدنية كانت في الوقت ذاته دليلاً على انتمائها لطبقة خاصة، وهي حاجيات الدارسين والخطاطين وحتى الفنانين ، أدوات الكتابة ووسائلها التي صنعت من البرونز وفي بعض الأحيان من الفضة ، تتألف هذه الأدوات من أوان إسطوانية لوضع ريش الكتابة فيها وإناء التجبير، وكذلك مقصات الورق بمسكاته المنقوشة المزخرفة والمطعمة بالذهب، وهي غالباً ما تدل على الورشة التي تم تصنيعها فيها ، ويتم أحياناً تلميع الحواف الفولاذية للمقصات. ومن ضمن النماذج أيضاً هناك الأوعية ذات الطبقات المتعددة والتي لها مسكة مصنوعة من البرونز أو النحاس المطلي بالقصدير كانت تستخدم على سبيل المثال لاحضار الغداء أو العشاء إلى التجار في دمشق أيضاً، وهناك أوعية مماثلة مثل العلب ذات الغطاء والقاعدة المثقبة التي استخدمت لنقل الصابون المنتج محلياً. ويكون أساسه عادة من زيت الزيتون والأنسجة الناعمة الصوفية إلى الحمام، وتم تصنيع قاعدة علبة الصابون بنقوش مثقبة تسمح للماء بالسيلان منها للخارج، ولاتزال بعض المعامل الصغيرة في حلب تنتج هذا النموذج المحلي الممتع جداً من الصابون ويختم بطابع مميز واستخدمت أيضاً الصحون الثقيلة المسبوكة من البرونز أو الفضة مع حافة مزهرة ذات الطابع التيموري والمنقوشة بتخريمات وزخارف يدوية من حولها، في حمل القطع الموجودة ضمن مجموعة متحف ليندين، المصنوعة من الفضة الثقيلة مع آثار قليلة من الذرات الذهبية وهي تعطي فكرة عن رفاهية بعض تجهيزات الاستحمام. الكتاب: الفنون والحرف السورية - تأليف: جوهانز كاثتر - مارغريتا بافالوي - ماريا زيرنيكل - ترجمة: إيمان اليحيى .. صادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب قطع كبير في 240 صفحة مصور وملون. |
|