تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نقاط على حروف الدراما السورية

فنون
الأربعاء 20-6-2012
سلوان حاتم

لم يعد خافياً على أحد أن القضية التي طفت على سطح النقاشات الدرامية الإعلامية هي قضية الدراما السورية في رمضان المقبل, فما بين المهللين لها والحاسدين الغيورين من تفوقها أصبحت مثار جدل لا يستطيع الإجابة عليه سوى الموسم الرمضاني,

وبين هذا وذاك سقط سهوا أو عمدا الموضوع الأهم ، ألا وهو : إلى أين تسير درامانا ليس خلال الأزمة بل من خلال ما ينتج منها ؟..‏

البعض يضع اللوم على الكاتب ويقول أن هناك أزمة نص, والبعض يرى أنها أزمة شركات إنتاج, وآخر يلوم المخرج والممثل, في حين أن الجميع مسؤولون لأن العمل بالنهاية مجهود جماعي .‏

المشكلة الحقيقية تكمن في ماذا نقدم وما المضمون وكيف ولمصلحة من تقدم هذه الأعمال ؟.. فبعض شركات الانتاج توجهت نحو ما قالت عنه إنه رغبة الجمهور ، ولكن أي جمهور قصدت؟ وهل نحول الدراما السورية لإرضاء مشاهدين عرب على حساب جودة ومصداقية الواقع كما حدث في الكثير من أعمالنا السابقة ؟ فقد تحول (باب الحارة) بعد جزئه الثاني إلى مسلسل محكي باللهجة الشامية, بل تحول إلى صنع المعجزات كإحياء الموتى وإنطاق الأبكم وكل هذا إرضاء للجمهور الذي وبعد مرور عدة أجزاء على موت أبي عصام مازال يطالب بإعادته للعمل، فمن سمح أن تتحول البيئة الشامية إلى أعمال لا تحوي إلا قبضايات ومشكلجية ونساء لا دور لهن سوى النميمة أو البحث عن زوج و هل الجمهور العربي هو من يطلب منا أن نعرض ما يشبه البيئة السورية وأن يقتصر دور المرأة على الداية والخطابة والضرة والنميمة إذاً كيف وصلت المرأة السورية إلى ما وصلت إليه الآن, وكيف لم نر في (باب الحارة) سوى شخص واحد مثقف عبر أجزائه.‏

البعض الآخر لعب على الوتر الحساس في أعمال معاصرة ونقل بعض الحقيقة وأطرها ضمن قصص سوداوية حملت في طياتها الكثير من الأفكار التي ربما كان المقصود فيها الدمج ما بين واقع وخيال الكاتب فمسلسلا (لعنة الطين) و (ولادة من الخاصرة) كتبا بعين واحدة وإن كانا قد حققا هذا النجاح فلا يعني ذلك أن يقال هذا ما يجري في الحقيقة وإلا لما كان هناك خير في المجتمع ، فهل وظيفة الدراما تشويه صورة المجتمع وإن كانت هي حالات خاصة وفريدة (سيئة) فلماذا تأخرت الحالات الجيدة بالخروج حتى نهاية العمل؟.. ثم لماذا كل هذه السوداوية في الأعمال أليس المطلوب إرضاء الجمهور؟.. أم هنا أصبح ما يهم هو فقط التسويق للقنوات العربية والخليجية, وإن كان العمل ينقل واقعا حقيقيا فلماذا لا ينقل الواقع كما هو فعلا دون أن يقتطف الواقع السيئ ويعرضه فقط, وإن كان الرد بأن الأعمال حققت جوائز في المهرجانات العربية فالسؤال من يقوم وراء هذه المهرجانات؟ أليست هي المحطات الخليجية ذاتها ؟.‏

كذلك تحولت بعض الأعمال الكوميدية السورية إلى تهريج بدلا من الارتقاء بها في ظل شبه غياب للكوميديا العربية فأنتجت بعض الأعمال التي شوّهت الكوميديا السورية عن قصد أو دونه ، والمضحك هو الكلام عن النجاح الكبير الذي حققته ليصار إلى انجاز (جزء ثان) ، فهل هذه ضريبة محبة الناس للأعمال السورية الجميلة أم أن نجاح عمل بعدة أجزاء أطمع المنتجين وأنساهم سوية العمل .‏

للأسف الشديد البعض فهم جرأة الطرح بأن يحول المجتمع عن طريق إسقاطه لبعض الحالات الخاصة إلى قضية عامة ، والبعض اعتمد الجرأة بالطرح أكثر من اللازم ، وهنا لسنا ضد أن نرى حالات سلبية ولكن هذه الحالات كانت مبالغة جداً وخاصة أن هناك من رسم صورة عن المجتمع السوري من خلال هذه المسلسلات المبالغ في جرأتها مثل (الخبز الحرام ، العشق الحرام..) وحتى (أيام الدراسة) حيث بدأ طلاب المدارس بتقليد السيئ منه .. ونقول إن وجدت مثل تلك الحالات إلا أنها تبقى حالات خاصة فلماذا نحاول تشويه صورة واقعنا في حين يحاول غيرنا تحسين صورة ماضيه من خلال الاستعانة بالكوادر السورية من ممثلين ومخرجين وكتّاب ؟ لماذا نحسن في صورة غيرنا ونعمل على تشويه مجتمع لا يخلو من الحالات السلبية ؟ وإن كانت الجرأة مطلوبة فليس من المطلوب إقناع المشاهد أنها حقيقة مجتمع يوجد فيه ما يوجد خارجه ومهما كانت الدراما السورية تحقق من جوائز و نجاحات مادية إلا أن المطلوب اليوم من القائمين على هذه الدراما تصوير المجتمع السوري كما هو لا كما يريد البعض أن يصوره (بقصد أو عن غير قصد) ثم يبرر فعلته بالقول : نحن نقدم فناً استقيناه من واقع موجود بغض النظر عن نسبة وجوده ، ولا نقصد الإساءة !!.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية