تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


العودة والاستعادة

البقعة الساخنة
الأربعاء 12-5-2010م
خالد الأشهب

منذ بداية العملية السلمية في الشرق الأوسط بمؤتمر مدريد بداية التسعينيات من القرن الماضي , كان ثمة دور وسيط ينبغي أن يتصف بالحياد والنزاهة للوصول بأطراف الصراع إلى صنع السلام,

غير أن مجريات الأحداث منذ ذلك الحين مع ما رافقها من متغيرات دولية أظهرت أن دور الوسيط إياه بات استحواذاً أميركياً شبه كامل , بل تجاوز في الكثير من المواقف والمراحل حدود الوساطة وشروطها وتحول إلى الاصطفاف في موقع الطرف مرة بحكم الانشغال الروسي بعملية التحول الداخلية إثر انهيار الاتحاد السوفييتي , ومرات بحكم الانحياز الأميركي الكامل إلى جانب الطرف الإسرائيلي . وبالتالي , كان طبيعياً أن تتوقف العملية السلمية عن السير إلى الأمام , بل وأن تتراجع بعد أن انتقل الوسيط الأميركي إلى موقع الطرف وانشغل الوسيط الروسي بترتيب بيته الداخلي .‏

اليوم ومع الجهد الروسي المشهود في استعادة موقع الدولة العظمى وفي استعادة مواصفات الموقع وما يفترض له من أدوار ومهمات وأطياف تأثير , فإن من أولويات هذه الجهود استعادة النصف الروسي من دور الوساطة في عملية سلام الشرق الأوسط , لما لذلك من أهمية قصوى بالنسبة إلى روسيا , إذ إن الحلم الروسي القديم بالوصول إلى المياه الدافئة لا يزال محمولاً على تلك الاستعادة , فضلاً عن أهمية منطقة الشرق الأوسط الجيوسياسية , وأهمية أن يسودها السلام والاستقرار كمقدمة لا بد منها لاستقرار العالم كله من جهة ولبناء وتطوير أي علاقات اقتصادية تنموية فيها من جهة ثانية .‏

زيارة الرئيس الروسي ميدفيدف إلى دمشق والمحادثات التي أجراها مع الرئيس الأسد جزء مهم من الجهد الروسي وتطلعاته الطموحة , سواء كان هذا الجهد سياسيا أم اقتصاديا , غير أن السياسي يتقدم الاقتصادي بالطبع , ويشكل التمهيد الضروري لنجاحه وتفعيله , بالنظر إلى ما تعانيه المنطقة من افتقاد للسلام والاستقرار وللبيئات اللازمة لتطوير العلاقات الاقتصادية , والسياسي يعني بالضرورة اليوم دوراً روسياً متجدداً وفاعلاً ومؤثراً في صناعة السلام وفي تخليص المنطقة من أسلحة الدمار الشامل , دور لا بد أن يستعيد حيويته وفاعليته إذا كان الحضور الروسي في الشرق الأوسط لا يزال طموحاً !‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية