تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


صداقة الأهل.. بر الأمان لهم!!

شباب
الأربعاء 12-5-2010م
هزار عبود

سيبقى التباين والاختلاف الذي يصل حد الصراع بين الشباب والأجيال التي تسبقهم سيد النقاشات في حواراتهم وجلساتهم حيث ينظر إلى الأجيال السابقة بأنهم الأكثر جمودا ومحافظة وتمسكا بالأعراف والضوابط الاجتماعية.

بينما الكبار لايرون في الشباب سوى الحماسة والاندفاع وقلة الخبرة ويتهمونهم دائما بعدم تحمل المسؤولية واللامبالاة.‏‏

‏‏

إذا هي مشكلة جيلين في كل عصر من العصور وبغض النطر عن الانقلابات الحياتية والاجتماعية الكبرى التي تحدث في مجتمعنا.‏‏

فلو بسطنا الأمر لرأينا أن أهالينا ومن هم أكبر منا قد اختبروا المراحل التي نمر بها وعرفوا مدى حماسة واندفاع الإنسان في بداية حياته عله يبني حياة مرفهة مميزة ومكللة بالنجاحات، فالأمر إذا.. لايحتاج إلا لاستيعاب الأهل لطاقات أبنائهم.‏‏

هذه الفكرة خطرت لي بينما كنت في جلسة ممتعة مع مجموعة من الشباب من اختصاصات وتوجهات مختلفة.‏‏

لمى وهي طالبة في كلية التربية كانت تفضفض لنا مدى الضيق الذي تعيشه بسبب الحرص الشديد من والديها كقيد يكبلها وتكمل قائلة:‏‏

أشعر أن حرص أبي وأمي ورقابتهما الصارمة كأنها قيد يكبل كل حركة وتصرف أرغب بالقيام به حتى لو كان إيجابيا لأنهم حتى الآن لايرون في ابنتهم إلا الطفلة الصغيرة التي عليها أن تبقى ممسكة بأيديهم وتنفذ ما يطلب منها دون رأي خاص بها وألاتنهال علي عبارات عيب- حرام- والأهم/ جيل فاسد/!!‏‏

بينما كنان وهو خريج كلية الاقتصاد وتحت مقولة لاتشكيلي ببكيلك يقول: كنت أطمح أنا ومجموعة من زملائي للبدء بمشروع خاص صغير، وكان لدينا طموح لتحقيق حلمنا خطوة خطوة لكن وللأسف كان يواجهنا رفض أهلنا وخوفهم من أن نفقد المبلغ البسيط الذي معنا ودون فائدة أو تحقيق للنتائج المرجوة، لأننا صغار وبأن الوظائف الحكومية هي بر الأمان بالنسبة لنا، واستمروا بترديد هذه الأسطوانة حتى ماتت الرغبة بداخلنا وأصبحنا نسعى لتأمين مستقبلنا بالشكل الروتيني الذي اختاره آباؤنا.‏‏

إنني لا أريد أن يبدو الأمر وكأنه لوم للأهل لا بالعكس هو طرح لنماذج تعبر عن ما يمر به شباب كثر ومحاولة لفهم معاناتهم التي يشكلها القلق الدائم من الأهل أو فرض أمور بطريقة غير مقصودة وبدافع من الحرص.‏‏

فإن رحاب مثلا كان لها رأيها الخاص في هذا الموضوع حيث قالت:‏‏

أعتقد أنه على الشاب والفتاة وقبل أن يطالبا الأهل بمنحهم الثقة، أن يثبتا أنهما على درجة من الثقة والمسؤولية تجعلهما أهلا لها وتضيف:‏‏

نفس الأسباب التي نختلف عليها اليوم مع أبائنا هي ذاتها التي كانوا يتذمرون منها مع آبائهم لكن حين أصبحوا أباء وأمهات ويحملون مسؤولية علموا بأن دافع أهلهم في ذلك الوقت كان لمصلحتهم، وغدا سنصبح أمهات وسنواجه نفس المشكلات مع ابنائنا وسنواجهها بنفس مواقف أمهاتنا.‏‏

بينما ريبال كان مؤيدا لكل ما يفعله أويفكر به الشباب حيث قال:‏‏

إن الكبار يلوموننا على الأشياء التي نحبها وبنظرهم ننقاد وراءها كالأغاني أو قصات الشعر التي تبدو غريبة بالنسبة لهم أو الوجبات السريعة دون أن يعترفوا أنهم في زمنهم كانوا يتبعون أشياء مماثلة إلا أنها قد تختلف بالشكل نتيجة تغير الزمن وتطوره، فلا يمكن الآن أن أرتدي ما كان يرتديه أبي في الماضي والا سأخرج عن الإطار العام للعصر الذي نعيشه.‏‏

قد يكون أهلنا قد مروا بنفس التجارب التي نخوضها.. وأنقادوا أيضا وراء أشياء جنونية بنظرهم!‏‏

وأدركوا الآن مدى سطحية تلك الأشياء التي يطلقون عليها فورة شباب لا أكثر محاولين جعل ابنهم ذلك الفتى النموذجي الذي لا يحظى ويتمعن جيدا ويصيب في كل اختياراته.‏‏

والأهم هو التزامه بالطريق الذي رسموه له مغمضا عينيه عن كل ما يفعله أبناء جيله، وهو ما يدفع الكثيرين الآن ليفعلوا ما يشاؤون خارج المنزل ويعودوا لتلك الهيئة النموذجية داخل المنزل وأمام أعين والديهم.‏‏

فإن ن-و التي لم تود أن أنشر اسمها علنا تقول:‏‏

الكبت يؤدي إلى الانفجار وهذا ما حدث معي حيث طوّق أهلي حياتي حتى لا أمارسها إلا بالشكل الذي يريدونه فلا يسمحون لي باختيار صديقاتي قبل أن يتعرفوا إليهن ويعجبوهن فيسمحوا لي المتابعة وملابسي لابد أن تتناسب مع ذوقهم، فالأهم السترة ومنع كلام الناس كما يقولون!‏‏

بالإضافة إلى منعي من اقتناء الجوال لأن يفسد أخلاق الفتاة فتولدت لدي الرغبة قوية بأن أمارس ما أرغب به من الخفاء ولا أنكر أن الخوف ينتابني في الكثير من الأحيان لكي أعود لاستمتع بلذة المغامرة.‏‏

وإصراري على ما أفعل تولده ثقته المفقودة بي لذلك ليس لدى ما أخشى فقدانه.‏‏

فالحل يمكن بأن يعطي الكبار للشباب فرصة للتعبير عن أنفسهم والإفصاح عن رغباتهم، وإذا كانت مطالب الشباب هي المشاركة واحترام خياراتهم فعلى الأهل الإصغاء لهم من خلال ثقافة الحوار وتعزيز قيم المشاركة وبالمقابل الاحترام الكامل للأهل كونهم زبدة هذه الحياة وذلك رغبة بتحقيق التقارب بين الجانبين.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية