|
الثلاثاء 20-8-2013 قد كرس توفيق صالح كواحد من رواد السينما الواقعية العربية، وأستاذاً لعدد غير قليل من مخرجي الأجيال التالية له، ومنهم مخرجون سوريون، رغم أنه لم يقم بتدريسهم بالمعنى المباشر للكلمة.. ولد توفيق صالح في 27 تشرين أول (أكتوبر) عام 1926، في مدينة الإسكندرية، وسافر إلى فرنسا لتعلم السينما عام 1950، وعمل هناك فترة قصيرة في عدد من الأفلام الفرنسية كمساعد مخرج، ليعود بعدها إلى مصر وإلى إخراج أفلامه الروائية الطويلة التي بدأها بفيلم «درب المهابيل»، عام 1955عن رواية لنجيب محفوظ، وبطولة شكري سرحان، والذي تعاون معه في فيلمين آخرين هما «صراع الأبطال»، عام 1962، و«المتمردون»، عام 1966 وكلاهما من تأليف الكاتب الصحفي صلاح حافظ. ثم تعاون مع الكاتب صالح مرسي، عام 1967 وقدما معًا فيلم «السيد البلطي»، وفي عام 1968 قدم فيلم «يوميات نائب في الأرياف»، عن رواية لتوفيق الحكيم بالاسم ذاته، ثم غادر إلى سورية مطلع السبعينيات حيث قدم عام 1972فيلم «المخدوعون» عن رواية «رجال في الشمس» لغسان كنفاني، وختم حياته كمخرج بفيلم «الأيام الطويلة» عام 1980، حيث توقف بعده عن الإخراج تماماً مكتفياً بعمله كأستاذ غير متفرغ لمادة الإخراج في المعهد العالي للسينما بالقاهرة. في عام 1972 أنجز المخرج توفيق صالح فيلم «المخدوعون» وهو يحكي عن معاناة الشعب الفلسطيني خارج أرضه بسبب طرده منها. عبر حكاية ثلاثة فلسطينيين، يمثلون ثلاثة أجيال، يحاولون الدخول إلى الكويت بواسطة سيارة صهريج، على أمل الحصول على فرص عمل، لكن موظف الحدود الكويتي يؤخر سائق الشاحنة في ثرثرة تافهة بأكثر من الوقت المفترض ما يؤدي إلى موت الثلاثة اختناقاً، وقد أنتج الفيلم من قبل المؤسسة العامة للسينما في سورية وصور بين سورية والعراق، وأدار التصوير فيه بهجت حيدر،وألف موسيقاه صلحي الوادي، وأدى أدوار الضحايا الثلاث: محمد خير الحلواني وبسام لطفي وصالح خلقي، فيما أدى عبد الرحمن أل رشي دور السائق، ونال الفيلم عدة جوائز منها: الجائزة الذهبية في مهرجان قرطاج 1972. وجائزة تقديرية من مهرجان أفلام وبرامج فلسطين عام 1973. والجائزة الكبرى لحقوق الإنسان في مهرجان ستراسبورغ 1973. وجائزة لجنة السلام العالمي في مهرجان موسكو 1973، وجائزة المركز الكاثوليكي في مصر عام 1975، كما منحه النقاد جائزتهم في مهرجان قرطاج. بعيد وقت قصير من إنتاج الفيلم قام نادي دمشق السينمائي بعرضه، واستضاف الممثلين عبد الرحمن آل رشي ومحمد خير الحلواني في النقاش الذي يلي عرض الفيلم عادة، فتحدثا عن أسلوب توفيق صالح في العمل، والذي يتركز على مصداقية وواقعية أدق التفاصيل، حتى لو تطلب الأمر منه إعادة تصوير المشهد عدة مرات في ظروف قاسية للحصول على ما يريده من المشهد ومن الممثل، ومن ذلك أن أحد المشاهد كانت تتطلب من الممثلين الخروج من الصهريج والاستراحة قليلاً على جانب الطريق، وكان المكان مليئاً بالحصى الصغيرة المدببة والشديدة الحرارة، فقام الحلواني بتنظيف مساحة منها، وما أن انتهى من ذلك حتى غير المخرج مكان المشهد كي يحصل على أصدق تعبير يمكنه.. اعتبر كثير من النقاد والمؤرخين السينمائيين الفيلم أحد أهم فيلميين للراحل إلى جانب (يوميات نائب في الأرياف)،وهناك من عده واحداً من أهم مئة فيلم سياسي في العالم، وثمة اتفاق على أن أي فيلم عن القضية الفلسطينية لم يستطع تجاوزه.. فيما كتب أحدهم عنه قائلاً: - لم أشاهد في حياتي فيلماً لديه هذا الولاء التام والكلي للرواية كما شاهدت في فيلم «المخدوعون».. فإذا أخذنا بعين الاعتبار أهمية الروايات التي اختارها توفيق صالح.. وضح لنا أي ميزة يعنيها كونه أحد رواد الواقعية السينمائية العربية.. |
|