|
معا على الطريق المتضررة من التعنت الأميركي إلى حد ما وأكثر ما تخشاه هو هروب مئات الآلاف إليها هرباً من الحرب، كما حدث من اللجوء السوري والعراقي. إن انهيار اقتصاد أميركا أصبح وشيكاً إن لم تكن قد وقعت فيه فعلاً، مع أنها تعتمد على بلطجة البنك الدولي وألاعيب صندوق النقد الدولي، كما تعتمد على قوى تحت مسمى منظمات المجتمع المدني التي تحركها بسياستها الرعناء، فتتحول إلى حركات سياسية فوضوية، لذلك فهي تستميت مباشرة أو عبر أدواتها من عبيد المال أن تفرض وصاية من نوع جديد وبأي شكل في هيكليات الأنظمة وسياساتها الالتحاقية بها ومعظمهم من الفاسدين لتحصل بواسطتهم على ما لم تستطع الحصول عليه بعمليات التدمير والتخريب للدول المؤثرة مثل سورية والعراق وإيران وأخيراً في لبنان الذي يتجه بخطى سريعة نحو الفوضى والدمار، ولا نبالغ إذا قلنا نحو الحرب الأهلية وما تنتجه من فقر وصولاً إلى المجاعة الحقيقية أو التهويلية، وقد بدأت حصارها الاقتصادي بشكل محكم ليس على الدولة فقط بل تجاوزته إلى معاقبة المجتمع الذي كان أكثر من نصفه يعيش على تحويلات المغتربين. وهناك توقعات بأن يصبح 50% تحت خط الفقر. فأميركا مستعدة لأن تفعل أي شيء وكل شيء لتحقيق مصالحها أو على الأقل البعض منها. وبطبيعة الحال مصالح ربيبتها (اسرائيل) التي تعيش أياماً لا تقل صعوبة وتؤذن بنهايتها أو على الأقل بضعضعة كيانها بعد أن رسمت له المقاومة الخطوط الحمر في البر والبحر، ولهذا الغرض وحده جاء مساعد وزير الخارجية الأميركي ديڤيد هيل بلبوس الوسيط (بينما بلاده طرف منحاز) حاملاً معه ما يسمى بـ (خط هوڤ) مع الحقيبة المزعومة بـ 4 مليارات دولار لإنقاذ الاقتصاد اللبناني، بينما تسعى بلاده للسيطرة على ما يمكن تقديره من ثروة تقدر بـ 74 مليار دولار، وكذلك لإيصال رسالة (وصاية) تتضمن تهديدات ظاهرة وأخرى مبطنة إلى المسؤولين اللبنانيين حول ترسيم البلوكين (8) و(9) حتى لا يصلا إلى مرحلة اعتبارهما منطقة متنازع عليهما، ولهذا أرادت التذاكي بفصل رسم الترسيمين البري والبحري لتمكين (إسرائيل) من قضم 863 كم مربع من المياه. وهكذا تكون أميركا قد سيطرت على ثروة لبنان النفطية والغازية. وكعادتها تتصرف أميركا وكأنها اللاعب الوحيد دون احتساب أي وزن لقوة غيرها، ولهذا فإن مآل أعمالها الفشل دائماً. وهذا ما حدث مع مبعوثها هيل الذي عاد بخفي حنين، بعد أن سمع الكلام الذي آن الأوان أن يسمعه من دولة تريد التفلت من الهيمنة الأميركية بعد أن امتلكت بدائل عدة. من كل هذا نفهم لماذا هذا الاهتمام غير المسبوق بتشكيل حكومة غير سياسية تستطيع أن تتصدى لسياستها، كما نفهم لماذا تتمسك بمرشحيها وكلهم من الطبقة الفاسدة. ونفهم أيضاً أن الشارع الذي تحركه والذي أصبح متفلتاً ويشكل خطراً على لبنان الدولة، والذي لا بد سيواجه بالشارع الأكبر الذي ما زال يمارس الصبر الاستراتيجي حتى لا يستدرج إلى مواجهة عسكرية يفقد بعدها غطاءه السياسي.. ولكن إلى متى!!؟ إن غداً لناظره قريب... |
|