|
The American conservative إلا أنه على غرار ما فعلته إدارة أوباما السابقة في منطقة آسيا، نجد سياسة ترامب قد أخذت مسارها نحو التدهور والتراجع في منطقة الشرق الأوسط. على سبيل المثال، أقرت مصادر في البنتاغون أنه رغم استراتيجية ترامب القومية وتعهده بإنهاء «الحروب المستمرة» في الشرق الأوسط الكبير، مازال الجنرال مايك ميلي رئيس هيئة الأركان يسلط الأضواء على إيران وسورية، ويتيح لإدارته إرسال ما ينوف عن 14000 جندي إلى الخليج في شهر أيار، منهم 3000 إلى السعودية، بدلا من سحب القوات الأميركية من المنطقة. ويضاف إلى ذلك، أن الرئيس ترامب قد وجه مرتين بسحب القوات الأميركية من سورية، لكن الجيش ضرب بكلامه عرض الحائط لأول مرة عن توجهاته بل جرى التعويض عن ذلك بتدفق متسارع وكبير للقوات المدججة بذريعة «حماية» حقول النفط السوري. ولذلك بات من المسلم به أن تهاوي الإدارة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط لم يكن إلا نتيجة لسياستها الاستراتيجية المبهمة. إن تركيز استراتيجية ترامب للأمن القومي على القوى العظمى أمر جدير بالثناء. ومع ذلك، فإن تلك الأولوية لم تأخذ سبيلها للتنفيذ على أرض الواقع. إذ يتعذر على الولايات المتحدة القيام بدفع تكاليف السيطرة على العالم ولاسيما في ضوء بلوغ الدين القومي 23 مليار دولار. كما أن افتقار ترامب للخبرة في مجال السياسة الخارجية، وغرقه في بيروقراطية الأمن القومي الأميركي، وتوجهه نحو التفكير بالحرب الباردة بعد مرور 30 عاما على سقوط جدار برلين، قد أدى إلى اضطراب في تنفيذ استراتيجيته. وكمثال مازال قائما فيما يتعلق بابتعاد الرئيس عن تحقيق أهدافه يتمثل بقيامه بحملة «الضغوط القصوى» على إيران. ومن أخطاء ترامب أنه لم يخفف من الوجود الأميركي في منطقة تقل فيها الأهمية الاستراتيجية. ولكن لابد من تخفيف العقوبات الاقتصادية الدولية مقابل الحد من البرنامج النووي، لاقت إيران حملة «الضغوط القصوى» التي مورست ضدها من خلال البنوك الدولية والأعمال التجارية. فازداد التوتر الأمر الذي أدى إلى ضخ المزيد من القوات الأميركية إلى منطقة الخليج. كما أن الاحتجاجات المحلية في إيران الناجمة عن تزايد الضغوط الاقتصادية الأميركية قد تفضي إلى قيام الإيرانيين بمواجهة حلفاء أميركا في المنطقة. وعلى نحو مثير للسخرية فإن القوات الأميركية في سورية تُوظف للضغط على الحكومة والروسية وليس للحماية من داعش. لقد كان الخليج ينطوي على أهمية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة في السابق، ولكن ن هذا الأمر قد انقضى في الوقت الراهن. ذلك لأن ازدهار عملية التكسير الهيدروليكي في انتاج الهيدروكربون في الولايات المتحدة الأميركية جعلها المنتج النفطي الأكبر على مستوى العالم مرة أخرى، الأمر الذي يقلل من أهمية الشرق الأوسط. لكننا نتساءل عن التهديدات الإرهابية التي يشكلها تنظيما داعش والقاعدة؟ رغم أن الحركات المتطرق كانت موجودة على مدى قرون عدة، لكن هذين التنظيمين بشكل خاص ظهرا جراء التدخل الأميركي في شؤون الشرق الأوسط الأمر الذي كان من المفترض أن يعمل الرئيس ترامب على تقليصه. وعندما تنسحب الولايات المتحدة من هذا المسرح، فإن هاتين المجموعتين ستخفف من تواجدها. وفي مختلف الأحوال، فإن ركود السياسة الأميركية الحالية يجعلنا نغرق في أتون النيران المشتعلة في الشرق الأوسط الكبير- في كل من أفغانستان والعراق وليبيا واليمن والصومال وتشاد ومالي- وفي نفس الوقت نتصارع مع إيران. بيد أن أمر الانسحاب الأميركي المرغوب به يتطلب من واشنطن إعادة ترتيب أولوياتها الأمنية الأمر الذي بات حاجة ملحة، على أن تأخذ باعتبارها أمر الدين الوطني الهائل والصين الناهضة مما قد يشكل في نهاية المطاف معضلة أمنية حقيقة. |
|