|
استراحة بفضل نجاحه في حل الشيفرة الوراثية حين توصل إلى كيفية ترجمة المعلومات الجينية في الحمض النووي، وشكل هذا الاكتشاف منعطفاً مهماً في تاريخ علم الأحياء. على مستوى آخر نكبت أسر كثيرة خلال الأسبوع بفقد عدد من أبنائها في حادث طائرة سقطت قبالة الساحل اللبناني، وجاء في الأخبار أنه بدأ العمل في تحديد هويات الضحايا الذين تم انتشالهم من خلال فحص الـ (DNA) المعروفة بالشيفرة الجينية أو الوراثية. والشيفرة الجينية أو ما اصطلح العلماء العرب على تسميتها بـ (البصمة الوراثية) عبارة عن مجموعة قواعد تمكن من تحويل تسلسل دي إن إي (DNA sequences) إلى بروتينات عن طريق مقابلة كل ثلاثية نيكليوتيدية بحمض أميني من الحموض العشرين التي تشكل الخلايا الحية، وجميع الخلايا الحية لجميع الأنواع تحمل الشيفرة الجينية ذاتها مما يدعو لتسميتها بالشيفرة الجينية القياسية (standard genetic code) مع أن أنواعاً قليلة ذات اختلافات طفيفة جداً. والشيفرة الوراثية هي سر نواة الخلية الحية ذات البناء المعقد، إذ يبلغ قطرها وسطيا ثلاثة من مئة من المليمتر، وتتكون من ثلاثة عناصر: 1- جدار حي يتبادل الغذاء والإخراج مع الخلايا المجاورة. 2- كمية كبيرة من مادة هلامية تسمى (البروتو بلازم) وقد ترجمها بعضهم إلى (أصل الخلقة). 3- تحمل نواة الخلية الشيفرة الوراثية التي تحدد وتتحكم في كافة أنشطة هذه الخلية. وتتكدس الشفرة الوراثية في حيز لا يزيد عن واحد على المليون من المليمتر المكعب ولكنها إذا فُرِدَت يزيد طولها على المترين حسب العالم فريد هويل. وهي تحمل كل الصفات الخلقية للأحياء، ويرث الجنين نصفها عن الأب، ويرث النصف الآخر عن الأم، وتُحمل هذه الشيفرة ما يسمى بالكروموسومات او الصبغيات، وكل نوع من الكائنات الحية له عدد محدَّد من هذه الصبغيات، فالإنسان مثلا في خليته 46 كروموسوماً موجودة في 23 زوجاً، وكافة خلايا الجسد تحمل 23 زوجا عدا الخلايا التناسلية في الإنسان فإنها تحمل نصف هذا العدد، فإذا اتحدت الخلية التناسلية من الأب مع الخلية التناسلية من الأم انتجت 46 كروموسوما، وهو العدد اللازم لتكوين الإنسان، ويسمي العلماء هذه الظاهرة بظاهرة التنوع في الوحدة. وفي عام 1984 ظهر التقدم في فحص جزيء DNA في دماء الأشخاص والتعرف من خلاله على الأفراد، ولذا تعتبر بصمة DNA أداة قوية ودامغة للتعرف على هوية الأشخاص والمشتبه بهم، فقد اكتشف علماء الوراثة أن ثمة مناطق متقاطعة في أجزاء الاتصال بكل DNA وقد أخذ عدد من محاكم الدول بهذه البصمة كدليل اثبات منذ عام 1987، وتبنت دول عربية استخدام البصمة الجينية، واعتبرت الولايات المتحدة أن البصمة الوراثية لها قوة الإثبات لبصمة الإصبع، بحيث تعتبر دليلا فارقا تاما بين الأفراد من بني البشر، حيث إن احتمال تشابه صورة الحامض النووي بين أي شخصين احتمال ضعيف للغاية ولا يزيد هذا الاحتمال عن واحداً لكل مليون بليون شخص من غير الأقارب، كما أن هذا الاحتمال تبلغ نسبته واحداً إلى ثمانية آلاف من الأقارب. ويرى العلماء أنه لا يوجد شخصان لديهما ذات الـ DNA عدا التوءمين الناشئين من بويضة واحدة انقسمت إلى نصفين، ومع ذلك فهما يختلفان فــي بصمات الأصابع ولهذا وحيث إن DNA له بصمة منفردة لكل إنسان وتختلف صورته من شخص لآخر يمكن استخدامه للاستدلال على صاحبه. |
|