تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ثلاثة ملايين نازح.. والمشكلة في «سوات» مستمرة

لوموند
ترجمة
الأربعاء 5-8-2009م
ترجمة: سهيلة حمامة

علي عنان قمر، موظف مخلص لطيف. لكنه ضعيف. موظفون إداريون آخرون يشيرون إلى مدخل مخيم جلالا في مردان ويقولون بحسرة « المكان هنا مملوء، ولايمكننا استقبال أحد.

إننا مضطرون للطلب إلى الناس الذهاب بعيدا» موظف آخر عبوس ومستسلم لايقوى على احتمال ما يقوى عليه من صعاب ، يبعد الناس عند مدخل المخيم بيديه الهزيلتين.‏

بعد مرور شهر على بدء هجوم الجيش الباكستاني على طالبان في وادي سوات، تواجه باكستان أشد أزمة للنازحين منذ تقسيم الإمبراطورية البريطانية للهند سابقا في عام 1947 ،لقد نزح السكان بكثافة من مدينة منيغورا مركز مقاطعة سوات، كما المناطق المحيطة التي تعرضت للمواجهات يقول محمد أكرم والدموع في عينيه إنه صعد في أول مركبة منذ اندلاع المعارك خالي الوفاض.‏

ذكر رسميا أن حوالي 265000 لاجئ ، تم وضعهم في عشرين مخيما موزعا في المقاطعة التي تقع على الحدود الشمالية الغربية. إنهم «المحظوظون» بين مجموع المهجرين الأكثر عددا، والذي يبلغ عددهم بحسب التقديرات الرسميه 2.5 مليون نسمة وصلوا متأخرين على أبواب المخيمات المملوءة والذين يقتاتون على الفتات إضافة إلى السكان المهجرين جراء معارك سابقة كما في باجور ليبلغ عددهم حوالي 3 ملايين من النازحين في الداخل رغم ذلك، تستجيب المجموعة الدولية للأزمة بحرص شديد، فقد قدّرت حكومة إسلام آباد احتياجاتها بمبلغ 543 مليون دولار ولم يمنح سوى ربع المبلغ حتى الآن.‏

بالنظر إلى حجم الزلزال الاجتماعي الذي ضرب مجتمع الباشتون في الشمال الغربي من المستحسن عدم تأخر المجموعة الدولية في بسط يد المساعدة، في مخيم جلالا، بخيمه المنتظمة والممهورة بشعار الأمم المتحدة، تتوافر المرافق العامة والمراوح المعلقة بأعمدة الملجأ. يخرج التلاميذ بملابسهم حاملين حقائبهم من مدرسة، كما يوجد هناك مصرف وصيدلية، ويعتبر المكان محطة للزيارات الرسمية للوجهاء غير أن الأزمة الحقيقية تتجلى بالقرب من هنا، فعلى بعد مئات الأمتار من مخيم جلالا، ثمة طريق محدب يؤدي إلى المدرسة ومن المفترض أن تكون خالية في مثل هذه الفترة من العطلة الصيفة لكنها مملوءة اليوم بالمهجرين من سوات دون فراش أو أغطية أو اهتمام من أي جانب رسمي، إنهم يئنون من الوضع المعيشي الصعب الذي لايطاق.‏

ونصيب المهجر خان زاده ليس بأفضل من أولئك فقد ترك خيمته على حافة الطريق، في حفرة من العشب.‏

عندما اقتربنا من مخيمه المبني من الألواح والاغصان، توافد الجميع، رجالاً ونساء ، وكبار السن يبسطون، باضراب، بطاقات الهوية الخضراء وهم يتخيلون زيارة موظف للأمم المتحدة، آملين، أخيرا، أن يتم تسجيلهم ومساعدتهم.‏

هؤلاء يشكلون جزءا من الموجة الأخيرة من نازحي سوات الذين وصلوا قبل أسابيع . ففي حين أن بلدة منيغورا استرجعها الجيش، فقد وصلت المواجهات إلى قريتهم ماتا التي تبعد 30 كم.‏

يشكو خان زاده من الوضع وبحرقة يقول:« إننا وحيدون، دون مساعدة. لقد نصحنا المسؤولون عن مخيم جلالا بالذهاب إلى مخيم آخر، لكنه بعيد جدا، وليس لدينا سيارة». كما أخذت عائلته قطيعا صغيرا من الجواميس، ما جعل التنقل أكثر صعوبة.‏

وعليه يشير مدير مكتب صحيفة الأخبار اليومية إلى أن الحكومة في بيشاور أخفقت في مهمتها، إذ لم تستبق ضخامة موجة التهجير جراء الاشتباكات، ولم تكن هناك مساعدة، بعد معارك وهمية استطاع الجيش، هذه المرة، أن يدحر طالبان خارج سوات بعد إخفاق اتفاق السلام بشأن الشريعة الذي تم في منتصف شباط.‏

لكن مخرج امتحان القوة الجاري بشكل واسع يتعلق بطريقة إدارة أزمة المهجرين، إذ يحذر مدير المعهد الباكستاني لدراسات السلام في إسلام آباد «أنه إذا استمرت الأزمة طويلا، وإذا شعر النازحون بسوء المعاملة فإن طالبان الذين فقدوا الثقة اليوم، فإنهم سينالون التعاطف بعد ذلك». وفي إشارة واضحة ولتعويض تقصير الدولة افتتحت جمعيات خيرية إسلامية يرتبط البعض منها بالحركة الجهادية، مكاتب لها بالقرب من المخيمات لقد بدأت «معركة القلوب».‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية