تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل سيعتذر أحد عن حرب العراق ؟

واشنطن بوست
ترجمة
الأربعاء 5-8-2009م
ترجمة: ريما الرفاعي

قبل أيام توفي روبرت ماكنمارا الذي تحول الى نموذج محزن لما يمكن أن يحدث عندما يعبر أخيرا المسؤول الاول في البنتاغون عن ندمه على دوره في حرب فيتنام الكارثية طالبا المغفرة.

وبالنسبة للكثيرين, فإن اعتراف ماكنمارا بأخطائه في إدارة حرب فيتنام جاء متأخراً وبعد فوات الأوان وهو يعكس شخصية مأساوية ومحزنة.‏

اليوم، ومع انخراط الولايات المتحدة في حرب جديدة لها نصيبها من التخطيط الضعيف والاستراتيجية غير السديدة والقيادة الفاشلة، فإن نموذج ماكنمارا الذي لا يُنسى يثير السؤال التالي: هل سيعتذر أحد ما عن حرب العراق؟‏

حينما كانوا في السلطة، أظهر المسؤولون في ادارة الرئيس جورج بوش الذين ساهموا في غزو العراق وفي إدارة السنوات الأولى من الاحتلال الأميركي رفضا ومقاومة للاعتراف بالخطأ، فضلا عن الندم، رغم أن بوش أقر في النهاية بالحاجة إلى تغيير الاستراتيجية في العراق ووافق على زيادة حجم القوات، فإنه لم يشر أبدا ولو تلميحا، ولا أحد من موظفيه الكبار، إلى شكوك بشأن أهداف المشروع الأساسي، وما اذا كان من الضروري أصلا خوض هذه الحرب. وحتى بعد خروجهم من السلطة، لم يعرب أي منهم عن الندم عما يعتبره كثير من الأميركيين مغامرة مكلفة وخاسرة وبلا معنى.‏

إن قلة من المسؤولين السابقين الذين نشروا مذكراتهم، مثل مدير المخابرات المركزية «سي آي إيه» السابق جورج تينيت والمسؤول السابق عن السياسة المدنية في البنتاغون دوغلاس فيث، والجنرال المتقاعد ريتشارد مايرز اتخذوا في الغالب موقفا دفاعيا بشأن سجل إدارتهم والاعمال التي كانت منوطة بكل منهم. أما نائب الرئيس السابق ديك تشيني فلم يزعج نفسه بالانتظار إلى حين كتابة مذكراته، وهو من أبرز الأصوات المدافعة عن سياسات إدارة بوش منذ مغادرته البيت الأبيض. بل حتى كولن باول الذي باتت تحفظاته بشأن الحرب حين كان وزيرا للخارجية معروفة، لم يعبِّر أبدا عن عدم دعمه لأي توجهات للاعتذار عن كل ما جرى. ويظل اللاعب الرئيسي السابق الذي لا يكاد يتحدث عن العراق علنا بعد خروجه من السلطة وهو الشخص الذي شغل منصب ماكنمارا القديم والذي يتحمل القسطَ الأكبر من المسؤولية عما حدث في الحرب من أخطاء، ألا وهو دونالد رامسفيلد.‏

أمامنا سلسلة من الأخطاء الموثقة بشأن العراق. واضافة الى الغزو الذي استند إلى ما تبين أنه أساس غير صحيح، فإن إدارة بوش لم تخطط لمرحلة ما بعد الغزو، لأنها افترضت وجود بيئة مستقرة نسبيا وداعمة للعملية ستسمح لمعظم القوات الأميركية بالانسحاب بسرعة. كما ان السلطات الأميركية كانت بطيئة في الرد على أعمال التمرد التي أخفقت في توقعها حيث تمسكت بافتراضات غير واقعية حول جاهزية القوات العراقية والسياسيين لاستلام المسؤولية، واستمرت على هذا النهج حتى بداية 2007 حيث كادت أعمال العنف تؤدي إلى حرب أهلية.‏

أما رامسفيلد فانه يرفض القبول بهذه الرؤية للطريقة التي أديرت بها الحرب، وهو يعتبر ان الاستراتيجية التي اتبعها بين 2003 و2006 كانت ناجحة وألحقت خسائر مهمة بالعدو ومكنت من تطوير قوات عراقية قوية وتشكيل حكومة عراقية جديدة. وإذا كان تغيير الاستراتيجية والزيادة في عدد القوات الأميركية في بداية 2007، بعيد مغادرة رامسفيلد، هما العاملان الرئيسيان اللذان أديا إلى إبعاد العراق عن حافة الهاوية فإن رامسفيلد يجادل أن مثل هذه الاستراتيجية ما كانت لتنجح قبل ذلك لأن الظروف لم تكن ناضجة.‏

والواقع أن مسؤولين سابقين آخرين في إدارة بوش كانوا أكثر استعدادا من رامسفيلد للاعتراف بأخطاء فادحة، لكنهم يقولون إن الاعتراف بالخطأ أمر مختلف عن القول انه ما كان ينبغي خوض الحرب أصلا، مجادلين بأن الأخطاء التي ترتكب بما يعتبرونه حسن نية لا تستدعي التعبير عن الأسف والاعتذار. وفي هذا السياق يقول لاري دي ريتا الذي عمل مساعدا لرامسفيلد: لقد اعتذر ماكنمارا لأنه اعترف بأنه كان يعرف أن المشروع في الاساس لم يكن قابلا للنجاح. أما في حالة العراق، فإن أياً من المسؤولين الكبار في الإدارة السابقة لم يكن لديه اعتقاد أن المشروع غير قابل للتحقق، حتى وإن كانوا يعتقدون أنه كان يمكنهم، أو كان عليهم أن يفعلوا شيئا مختلفا في العراق خلافا للتطورات التي حصلت.‏

 بقلم: برادلي جراهام‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية