تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


شـــمعة أســـطورية تبـــدد يأســـه

فضائيات
الأربعاء 5-8-2009م
هفاف ميهوب

أحيانا تفرض الأحداث نفسها على الفضائيات فتجعلها تسارع لتتبناها بسرعة وجدية ودون إعداد مسبق ذلك أن الحدث يستدعي السبق،

ولأن حدث زيارة الفنان الكبير دريد لحام إلى غزة جعلنا نشعر بأهمية أن يكون الإنسان أنى كان، فنانا أو سياسيا أو طبيبا أو عاديا... على درجة عالية من الحساسية تجاه المواقف الوطنية والإنسانية كان لابد من متابعة اللقاء الخاص الذي عرض على الفضائية السورية والذي أرادت من خلاله الإعلامية رائدة وقاف،أن تعكس دورها الحقيقي في مواكبة ثبات ومقاومة شعب غزة، ذلك الشعب الذي استبيحت إنسانيته عدوانيا وعالميا دون أن يتوقف عن الصمود بكسر الحصار..‏

لكن وعندما يكون اللقاء مع فنان كبير كانت رسالته الفنية بالغة التأثير، فما علينا إلا ترقب رسالته السياسية التي أرادها جريئة كجرأته في الانسحاب من منصب سفير النوايا الحسنة بعد أن أيقن أن القوة هي السفير الوحيد الذي لايفرض إلا النوايا السيئة والعدوانية...‏

وبغض النظر عن موضوع الحوار الذي كان أكبر من أن يتم التنقيب فيه عن أي خلل،نقول أن للإعلامي الذي يدير هكذا لقاءات دوراً كبيراً في استنباط أهم ما يمكن أن يتفوه به ضيف يحمل من مخزون الكلام الموثق بالعين والإحساس ما يدفعه إما للصمت عجزا أمام ماشاهد ورأى،أو لسرد تفاصيل الوجع لايعرف له بداية من نهاية فطالما القضية تاريخ من فوضى الاعتداءات.‏

وقاف، كانت محاورة بهاجس الإعلامي الذي لم ينهزم بل لايريد أن يخسر جولة من جولات تفوقه وتميزه سواء باختيار موضوع مناقشاته أو أسلوبه،أداة نحو لغة قائمة على الإلمام الدؤوب بكل جوانب موضوع النقاش.‏

ماذا فهمنا؟ لقد فهمنا ما أراد دريد لحام أن يفهمنا إياه،فالتضامن مع شعب غزة واجب وطني وأخلاقي يستدعي الدعم بشتى السبل المادية أو المعنوية التي تتجلى لدى الفنان بموقف أراده لحام (نكش) لجميع الهائمين على خذلانهم وصمتهم مثلما هو مصافحة بيضاء النوايا تعري العدوان وتلطخ إجرامه بالعار..‏

من هنا مسرحية نساء غزة وصبر أيوب التي دعي إليها الفنان دريد لحام ليست سبب تضامنه لأنها ببساطة تعرض يوميا في شوارع غزة،لكن ومثلما صمم أن يصمد أمام المعبر،صمم أن يدخل غزة ليؤكد أن الإصرار سليل العرب إلى عناق النخوة والأمل.‏

لما لا لطالما اعترف أنه كان مسكونا باليأس من الحياة، ذاك اليأس الذي تبدد بأسطورة المقاومة في جنوب لبنان ومن ثم غزة،بل بالصمود الذي أشعل في داخله شمعة الأمل لينهض ويعود كما عهدناه ساخرا من فوضى العالم صارخا بغضب:لماذا لانتصرف دون أن نعتمد على الهيئات والمنظمات الدولية التي لاأعترف بها وبجدواها.‏

أخيرا اللقاء كان جديرا بالمتابعة لا لأنه يتعلق بغزة فقط،وإنما لأنه كان رسالة فضائية بمفردات سكنتنا وما زالت نحن المشاهدين الذين كنا نتضامن لهفة بلهفة، ووجع بوجع مع جنوب لبنان وغزة وجميع الشعوب المعتدى عليها والتي حفظنا معاناتها عن ظهر إحساس..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية