تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بعد«ماناس»الأميركية..قاعدة روسية ثانية فــــي قرغيزســــتان

أضواء
الأربعاء 5-8-2009م
راغب العطية

إن اتفاق روسيا قرغيزستان على فتح قاعدة عسكرية روسية ثانية في الأراضي القرغيزية تأكيد على سعي موسكو لتعزيز نفوذها في آسيا الوسطى.

وحسب المذكرة التي وقعها الرئيسان الروسي ديمتري ميدفيديف والقرغيزي كرمان بك باكييف على هامش القمة غير الرسمية لمنظمة اتفاقية الأمن المشترك في منتجع شاليون آتا القرغيزي في مطلع الشهر الحالي يسمح لروسيا بأن تنشر لمدة 49 عاما قابلة للتجديد «25 سنة» كتيبة يحتمل أن تحتضنها قاعدة في مدينة أوشن الجنوبية.‏

وتمنح الحصانة من القوانين المحلية للجنود الروس حسب المذكرة التي نصت أيضا على إنشاء مركز تدريب روسي قرغيزي وحددت بعض أوجه المهمة الروسية في حماية السيادة القرغيزية وصد هجمات الجماعة الإرهابية الدولية.‏

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي حضر القمة مع ميدفيديف: إن مركز التدريب سيكون مفتوحا أمام كل أعضاء منظمة اتفاقية الأمن المشترك التي تضم روسيا وأرمينيا وروسيا البيضاء وكزاخستان وقرغيزستان وطاجكستان وأوزباكستان.‏

ومن المتوقع أن يكون مكان الكتيبة الروسية ومركز التدريب قرب مدينة أوش في وادي فرغانه أو في منطقة باتكين هذا حسب ما قالته صحيفة فريميا نوفوستيه.‏

وتوجد في قرغيزستان منذ 2003 قاعدة روسية في منطقة «كانت» كما توجد قاعدة أميركية في مطار ماناس قرب العاصمة بشكيك افتتحت اواخر عام 2001.‏

وكانت قرغيزستان أعلنت في وقت سابق هذا العام أنها ستغلق قاعدة «ماناس» بعد وعد روسي بتقديم ملياري دولار معونة، غير أنها عادت في حزيران الماضي وسط خلاف تجاري مع روسيا وقالت: انها ستبقيها مفتوحة بعد قبول الولايات المتحدة دفع ايجار أكبر.‏

وتعتبر قرغيزستان حاليا الدولة الوحيدة في العالم التي تستضيف في الوقت نفسه على أراضيها قاعدة عسكرية أميركية وأخرى روسية.‏

ويرى مراقبون أن وتيرة التنافس الأميركي الروسي على قرغيزستان قد ارتفعت في الآونة الأخيرة مع بدء الولايات المتحدة في منتصف تموز الماضي العمل على تشييد مركز ترانزيت جوي في مطار (ماناس) بالعاصمة بشكيك يتبع لوزارة الدفاع الأميركية سوف يستخدم لأغراض دعم العملية العسكرية في افغانستان.‏

واعتبر الروس هذا الموقف التفافا من الحكومة القرغيزية على قرارها القاضي بإغلاق قاعدة «ماناس» الأميركية من خلال استبدال القاعدة بمركز ترانزيت جوي يبقي معظم الميزات التي كانت القوات الغربية تتمتع بها وعلقت وزارة الخارجية الروسية في 23 حزيران الماضي قائلة: ان توقيع هذه الاتفاقية حق سيادي لقرغيزستان.‏

ويرى المراقبون أن سعي موسكو الى إقامة قاعدة عسكرية أخرى لها في قرغيزستان بأنه رد فعل روسي على قرار مواصلة الوجود العسكري الأميركي في هذا البلد، إضافة الى عزم ورثية الاتحاد السوفييتي على توطيد وجودها في منطقة آسيا الوسطى(السوفييتية سابقا) من خلال زيادة التعاون العسكري مع بشكيك.‏

إذا فالصراع بين موسكو وواشنطن من أجل مد النفوذ الى آسيا الوسطى التي تعد مصدرا هاما للطاقة لم ينته ، بالرغم من إعلان الرئيسين الروسي والأميركي سعيهما الى تحسين العلاقات بين دولتيهما.‏

فهذه المنطقة تحظى بأهمية سياسية وأولوية اقتصادية من قبل الولايات المتحدة لذلك كثفت واشنطن جهودها منذ تسعينيات القرن الماضي بعد استقلال دول آسيا الوسطى إثر تفكك الاتحاد السوفييتي وانهيار المنظومة الاشتراكية.لاقناع هذه البلدان بفتح حقولها أمام استثمارات الشركات النفطية الغربية والأميركية بشكل خاص.‏

ولتحقيق هذا الهدف تسعى واشنطن لاخراج الدول المنتجة للنفط من دائرة النفوذ الروسي ومحاولة احتواء التحركات الصينية التي تستهدف زيادة نفوذها ووجودها في هذه المنطقة.‏

ويعتبر المحللون الحادي عشر من أيلول2001 نقطة التحول الرئيسية في تكثيف الوجود العسكري الأميركي في آسيا الوسطى، فحتى هذا التاريخ كان هذا الوجود مقتصرا على عدد من الاتفاقات الثنائية، التي تتمحور حول بعض المساعدات العسكرية التي تطورت فيما بعد لتشمل إقامة قواعد عسكرية في كل من قرغيزستان وأوزبكستان في إطار ما سمي بالحرب على الإرهاب.‏

بالمقابل تهتم روسيا بالتصدي لمحاولات تحييدها من دائرة نفوذها التقليدي وترى في ارتفاع الاستثمارات في آسيا الوسطى وبحر قزوين تآكلا وتراجعا لوضعها الجيوسياسي نتيجة لخروج هذه المنطقة عن سيطرتها.‏

وبدأت استراتيجية موسكو تأخذ منعطفا جديدا قائما على التفاهم والتوافق مع الاطراف المتنافسة معها مثل ايران.‏

وتتمتع جمهورية قرغيزستان بموقع استراتيجي هام، فهي تقع عند الجنوب الشرقي لآسيا الوسطى وتحدها كزاخستان من الشمال وأوزبكستان من الغرب وطاجكستان من الجنوب الغربي وأراضي الصين الشعبية من الشرق والجنوب وهي قريبة من أفغانستان.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية