تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


فوائض..

الافتتاحية
الأربعاء 5-8-2009م
بقلم : رئيس التحرير - أسعد عبود

نحن نواجه الجفاف.. لا نتستر على ذلك، ولن نعبأ كثيراً بمحاولات إعلامية لخرق المجتمع السوري من خلال هذا المأزق، بعد أن أعيتهم المحاولة لخرقه من الجانب السياسي.

طبعاً لا أعني بذلك الاستهانة بهذا الجانب الاقتصادي الاجتماعي.. أبداً.. على العكس من ذلك.. أرى أن واقع المجتمع وحياة الناس والإدارة الاقتصادية هي التي تشكل الأساس الأهم للسياسة الخارجية والنشاط الدبلوماسي.. وبغض النظر عن دقة القول:‏

«ليس هناك سياسة خارجية بل داخلية فقط..».‏

هي مقولة لا تفتقد أبداً الحقيقة.. والموضوعية.‏

إدارة داخلية صحيحة.. اقتصاد متوازن متطور.. علاقات اجتماعية سليمة.. هذه تشكل أهم عناصر القوة التي هي أساس العمل السياسي، وبالأصل فإن صوابية الموقف السياسي السوري الذي تعترف به قوى عالمية، كثيراً ما خاصمته، بل عادته.. ترتكز ارتكازاً حقيقياً على بنية اجتماعية واقتصادية تقدم عنصر القوة.‏

لكن..‏

لنعترف أننا أمام مواجهة حقيقية.. بل خطيرة.. على صعيد الواقع الاقتصادي والاجتماعي..‏

إنه الجفاف..؟! وهو ظرف قاهر يمر بنا وبغيرنا عبر التاريخ..‏

هذا كله صحيح لكن..‏

1- ليس الجفاف وحده الذي يرينا المأزق..‏

2- ليس الجفاف هو الظرف القاهر الذي يستحيل التعامل معه..‏

فلنواجه..‏

بمنتهى الموضوعية، أستطيع أن أرى وأقول إن الإدارة السورية «الحكومة» ليست أبداً في وضع المتفرج على ما يجري.. بل هي أمام اجراءات للمواجهة، لابد أن يتبناها برنامج شبه متكامل..‏

أكثر من ذلك..‏

الجفاف ليس طارئاً في حياتنا... له دورته التي تتكرر كل حقبة يمكن لمن يتصدى أن يحسبها بدقة.. وبالتالي يمكن أن تكون في استراتيجية العمل والإدارة حسابات لمواجهة الجفاف دائماً.. ونحن قادرون..‏

هي مسؤولية الحكومة أولاً.. لكنها ليست مسؤوليتها وحدها.. ولا أريد أن أميّع الحكاية تحت عنوان كلنا مسؤول.. إنما أريد أن نفكر ومعنا الحكومة بأننا مجتمع يجب أن يكون له أسلوبه في التصدي لأزماته وبينها مواجهة الجفاف.‏

تتجلى المشكلة اليوم بصورتها الأكثر جدية في الجزيرة والفرات، حيث وقع الجفاف وتراجع الحصاد المائي إلى حدود غير مألوفة أوصل بعض القرى إلى خطوط الفقر الشديد وتحدي الجوع، وكثيراً ما شاهدنا التدخل الرسمي لتعديل هذه الحالة وتخفيف الوقع على الناس..‏

بصراحة الكل مهتم.. وفي مقدمتهم وعلى رأسهم السيد رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد ومروراً بالحكومة وانتهاء بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي وغيرها من هيئات.. وما نسمعه عن توجيهات ومنح ومساعدات وزيارات وجولات ولجان وبيانات يدخل في إطار هذا الاهتمام.‏

القليل ينفع.. وقد لا ينقذ.. والمسؤولية بلا حدود.. وطالما نحن دولة ولدينا مجتمع أهلي.. ألا نسأل عن دوره..‏

دور المجتمع الأهلي ليس مسؤوليته وحده، بل هي مسؤولية عامة في تنشيط دوره لمساندة أبناء الجزيرة والفرات والبوادي وإنقاذهم من الجوع والفقر..‏

رغم الجفاف فإن في الموارد السورية فوائض كثيرة.. بل فيها هدر.. في الفواكه.. في الخضار.. على الموائد وفي الحفلات، ولا سيما الحفلات التي تقيمها الهيئات العامة والرسمية وهناك أموال فائضة.‏

بصراحة لا ينطبق على المجتمع السوري توصيف المجتمع الفقير أبداً..‏

لكن.. هناك فقر..‏

وهناك تأخر عن وضع برامج محددة لصيانة النعمة وحفظ الفوائض ومقاومة الفقر ومنع انتشاره.‏

إن ما يهدر في سورية من مواد غذائية وغير غذائية «أدوية وملابس وخلافه» كافٍ لإنقاذ الكثير من القرى من الفقر.. ليس وفق مبدأ الإحسان.. بل على أساس العقل والبصيرة وانتهاج الأسلوب الدقيق لحصاد الثروة والموارد وإعادة توزيعها بشكل علمي صحيح..‏

يقيني أننا لا نحتاج أحداً إلا أنفسنا.. فإن تعدينا ذلك.. فلن ينقذنا أحد.. a-abboud@scs-net.org

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية