تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«الحوارات المغلقة» وردهاتها المشبوهة..!

الصفحة الأولى
الأربعاء 5-8-2009م
كتب المحرر السياسي

«في الحوارات المغلقة سمعنا من العرب ردوداً تختلف عن التصريحات العلنية».. كلام للمبعوث الأميركي جورج ميتشل -

وإن كان يرد فيه على منتقديه من أنصار إسرائيل- فهو خطير ويحتاج إلى أكثر من توضيح وتفسير مثلما يحتاج إلى التمعن في دلالاته، ومنعكساته، والارتدادات التي قد يتركها.‏‏

قد لاتكون المرة الأولى التي يتردد فيها أن بعض العرب يقولون في الغرف المغلقة مع المبعوثين الدوليين وخاصة الأميركيين مايختلف عن تلك التي تقال في التصريحات العلنية، وليست المرة الأولى التي تفصح فيها الملفات والأوراق السرية عن تعهدات قطعها هذا الطرف العربي أو ذاك، لتعود وبالاً على العرب وحقوقهم وقضاياهم.‏‏

لكنها الأخطر في التوقيت والمضمون، حين تتحول إلى حجة دامغة تدين الموقف العربي برمته، وترمي به إلى مسالك وطرق قد تفرط بالبقية الباقية من حقوقهم، وتعلن صراحة ما اعتدنا أن تعلنه الملفات والأوراق السرية بعد فوات الأوان.‏‏

للعرب تجربة مريرة مع الغرف المغلقة وردهاتها المشبوهة ومازالت ذاكرة العرب تحتفظ بقسط واسع من تلك التجارب وارتداداتها المأساوية على أكثر من صعيد، وفي تاريخهم القريب أيضاً هناك العديد منها، وما تردد منذ أمد قريب لم تنسه الذاكرة بعد، والأخطر أن الأخطاء الناجمة عنه، والمترتبة على تلك الالتزامات مازالت تجثم بثقلها البغيض.‏‏

لذلك لانعتقد أن لعربي مصلحة في الصمت على مايجري وفي الاتجاهين، فإذا كان كلام المبعوث الأميركي غير دقيق -ونرجو ذلك- فإن هذا يستدعي كل الدول العربية التي زارها ميتشل أو التقى أحد مسؤوليها أن توضح وأن تقدم النفي القاطع لها، وأن تطالب بتوضيح من المبعوث الأميركي، وإذا كان الأمر صحيحاً ثمة فرصة للتعويض يجب ألا تفوت، فقد يكون الأمر ملتبساً، أو هو من نوع سوء الفهم لما قيل في تلك الاجتماعات المغلقة، ويحتاج بالضرورة الى تصحيح أو تصويب حسب الحاجة والواقعة.‏‏

لقد كفى العرب ماجرّته تلك الحوارات المغلقة في الماضي وماكان يعتبر في حينه خروجاً على المنطق يبدو اليوم جارحاً لكل عربي، إذ ليس هناك من أمر يضطر بعض العرب تحت أي طائل لقول مايحرجون من قوله علناً إلا إذا فيه تفريط أو تعهد لايستحق أن يعطى، وخصوصاً أن من يقدم التعهد يدرك سلفاً أنه لو لم يكن محرجاً من قوله في العلن لما لجأ إلى الغرف المظلمة للالتزام بما عجز التصريح عنه، وهي حقيقة لاتغيب عن بال أحد.‏‏

ليست القضية في خطأ التعهد فحسب، ولا في خروجه على منطق الأشياء لكنه في الحقيقة شرخ للموقف العربي نتمنى ألا يقع فيه أحد من العرب، خصوصاً أنه يترتب عليه خرقاً خطيراً للإجماع العربي الذي يؤكد دائماً أن المبادرة العربية هي سقف الموقف العربي وباطنه ووسطه، ولاخيار آخر إلا بالقبول بها والتطبيع الذي يسعى الأميركيون لتسويقه في معادلتهم الجديدة يأتي بعد السلام لاقبله، وهو أمر ينسف أي معنى للسلام.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية