تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وجهة نظر...الشباب والعطلة الصيفية

طلبة وجامعات
2012/6/20
د.جهاد الناقولا

الشباب طاقة بشرية هائلة وعظيمة إذا تمكنا من معرفة توجيههم بشكل صحيح عندها يمكن أن ننتظر منهم الكثير الكثير في مجلات الإبداع.

لذلك يتوجب العناية بهم أيما عناية لأنه بقدر ما قدم لهم في مراحل الطفولة من رعاية واهتمام بقدر ما ينعكس ذلك في تكوينهم العقلي والنفسي ومدهم بالكثير من القدرات التي لا حدود لها.بالمحصلة يمكن القول إن قوة المجتمع ومكانته تتحددان بقوة شبابه وحسن إعدادهم إعداداً صحيحاً، والحفاظ على وقتهم، والتخطيط  لملئه بقضايا عملية ومفيدة،ومساعدتهم في شغل وقتهم بشكل علمي وعملي سواء من قبل الجهات الرسمية والخاصة الراعية لفئات الشباب أو حتى من قبل الأسرة التي تعد محوراً أساسياً في إرشاد أبنائها من الشباب حول قيمة الوقت وأهمية استثماره في وقت الدراسة وفي أوقات العطل الصيفية والانتصافية.و بالحديث عن العطلة الصيفية، يلاحظ اليوم أن الكثير من الأسر السورية تجد معاناة كبيرة مع قدوم العطلة الصيفية لدرجة أن البعض منهم يتمنى عدم قدومها لا سيما الأسر التي فرغت جعبتها من النشاطات والخطط المفيدة التي تملأ بها وقت أبنائها الشباب.‏‏

لو حاولنا المقارنة قليلا بين كيفية قضاء الشباب للعطلة الصيفية بين الدول المتقدمة ودول العالم النامية لوجدنا أن هناك فروقاً شاسعة ففي الدول المتطورة لا يعاني الشباب أو الأسر من وقت الفراغ في العطلة الصيفية كما تعاني الدول النامية(لدرجة أنهم يخططون ويهتمون ليس في العطلة الصيفية والانتصافية فحسب بل يخططون من أجل قضاء حتى عطلة نهاية الأسبوع.و للأسف نحن نفتقد كثيراً لكيفية التخطيط والتنفيذ من أجل قضاء العطلة الصيفية ونضع أطفالنا وشبابنا في دوامة من الفراغ القاتل ومن ثم ندفع ضريبة ذلك سواء بشكل مباشر أو غير مباشر على الرغم من عناء الدراسة والروتين اليومي خلال أيام الدراسة.‏‏

فمن الملاحظ فيما يتعلق بالدول المتقدمة توفر العروض الكثيرة خلال العطل لشركات ومؤسسات متعددة تجعل الشباب والأسرة في حيرة،نتيجة كثرة العروض المتنوعة وتنوع ضمن نشاطات هائلة ومتعددة توضع أمام الشباب بهدف الترفيه والتمتع والاصطياف والتدريب واللهو والاستكشاف وكلها لها ايجابياتها من حيث انعكاسها في نمو شخصية الفرد  واستقراره النفسي ونشر الطمأنينة والسرور والتجدد في النمو.يمكن أن يذكر منها على سبيل المثال:هبوط المنحدرات والسباحة والهبوط من قمم الجبال،وركوب الدراجات الجبلية‏‏

وألعاب ترفيهية والتمتع بزيارة الحدائق العامة ومشاهدة المعالم السياحية ومباريات الرياضة والمباريات الفكرية والعلمية والاستكشافية والتنزه إلى الأنهار والشواطئ ورؤية منابع ومصبات الأنهار وركوب القوارب الشراعية، وتطيير الطائرات الشراعية والزوارق السريعة وهناك نشاطات حتى للفئات المحرومة من الشباب والأطفال من قبل مؤسسات خيرية كتسلق الجبال والقمم ومغامرات متعددة لمختلف الأعمار،إضافةً إلى تسلق الجدران وهذا كله  يوفر الدعم والتشجيع لهذه الفئات من محرومين وغير محرومين،و بما يراعي ضمان الامتثال لمتطلبات الصحة والسلامة.أما في بلادنا فان نظرتنا لأهمية العطلة الصيفية ما تزال نظرة قاصرة تحتاج للتخطيط والتنسيق سواء من الأسرة أو من الجهات المهتمة بجيل الشباب فبالنسبة للأطفال يتبين أن الحدائق العامة قليلة ولا تفي بالغرض في مناطق السكن المنظم،و في مناطق السكن العشوائي ليس هناك حدائق حتى للتنفس ناهيكم عن الظروف الصعبة التي نمر بها.و مع ذلك يمكن أن نستثمر العطلة الصيفية ببعض النشاطات التعليمية لغة وكمبيوتر وغيرها من قضايا تعليمية هامة تؤثر على فرص عمل الشباب مستقبلاً،إضافة إلى نشاطات رياضية وموسيقية وفنية وترفيهية سياحية،و زيارة الأقرباء والأصدقاء لزيادة فرص التواصل ضمن الأحياء والمجتمع،و مساعدة الأهل في بعض أعمالهم والاستفادة من خبرات مهن الأهل والأقرباء.أما على صعيد المؤسسات الرسمية ينبغي الإعلان بشكل واضح عن برامج النشاطات والمحاضرات الثقافية،و الدورات المهنية التي يفترض أن تشمل معظم المناطق لتغطي اكبر قدر ممكن من احتياجات الشباب الفكرية والثقافية.على الرغم من نقص النوادي العامة نتمنى من الجهات والمنظمات والجمعيات الشبابية أن تعلن عن برامجها ونشاطاتها بطرق تمكن مختلف فئات الشباب والأسر من التعرف بنشاطاتها المتعددة ليتاح لأكبر قدر ممكن من الشباب ان يفرغوا طاقاتهم الفكرية والجسدية بما هو مفيد ومثمر حتى لا يضيع الشباب وقته بمقاهي الانترنت على حساب نشاطات كثيرة وحتى لا يضيعوا الوقت بمشاهدة المحطات الفضائية وحتى لا يستغلوا في قضايا تضر بهم وبوطنهم.على سبيل المثال ما زال اليمن ومنذ عقود يعاني شبابه من وقت الفراغ الذي يستغل في مضغ نبات القات الذي يهدد جيل الشباب اليمنيين ويهدد الاقتصاد الوطني بسبب غياب الخطط وغياب التنظيم الشبابي في اليمن. لذلك ينبغي التنبه بشكل دائم ومستمر لقضايا الشباب لا سيما بعد أن ينتهوا من العام الدراسي حتى نحميهم من الانحراف  ومن هدر الوقت كون مكانة المجتمع وقوة  شبابه تتحدد بالنظر لكيفية  قضاء أوقاتهم بما هو عملي،لأن الفراغ يولد مجموعة من الآثار على الشباب:كثرة التفكير بالقضايا الجنسية وظهورها على الساحة قبل الأوان وعدم التوازن النفسي  والبحث عن طرق لإضاعة الوقت ويورث الكسل والملل والضجر(انظر:الريحاوي،عبد اللطيف،العطلة الصيفية فائدة واستجمام، 2010 / الموقع: www.said.net) كذلك يمكن للأسرة أن تلعب دوراً هاماً نحو تغيير طرق التفكير لدى أبنائها من الشباب كتوجيههم نحو عدة أمور منها:كتابة المذكرات التي تشغل الذهن  بأشياء مفيدة  وتكسبه مهارات في اللغة والتعبير وتقييم الذات،وتعلم حرفة أو تدبير منزلي  للإناث وتعليم مهن الآباء للأبناء التي يمكن أن يتعلموها فتعليم مهنة  يعتبر مصدر رزق للأسرة  ويجعل الشباب يكونون صداقات جديدة ضمن نوع من المتابعة لهم،نقد السلبيات ومعالجتها  في البيت والشارع  والمجتمع بهدف معالجة ما هو سلبي والمقارنة  بين الايجابيات والسلبيات (طلاب وطالبات  يشكون  فراغ العطلة الصيفية وينتظرون جديد  المراكز،2008، موقع الضالع www.aldhalea.net) هذا بالإضافة إلى المطالعة والقراءة التي تصقل المهارات وتقوي الشخصية  وتزيد المعرفة العلمية  فالقراءة  خارج  المدرسة ومنهاجها  مهمة وضرورية  لان المدرسة ليست المصدر الوحيد للتعلم والمعرفة،و خلق مشروع شخصي و متابعة المشروع الشخصي سواء في أي مجال من المجالات الفكرية أو الموسيقية أو أي شيء آخر.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية