|
عن موقع فالميه يقول في آخر مقال له: من نتائج التهديدات والأجواء الحامية التي تثيرها الولايات المتحدة ضد روسيا، انتشار تسلح روسي جديد لا يقابله معادل أمريكي بل تراجع في قوة أمريكا إلى قوة عسكرية من الدرجة الثانية أيضاً بعد العقوبات التي فرضتها على روسيا أصبح الاقتصاد الروسي أكثر استقلالاً، كما حاولت روسيا الانسحاب من هذه الورطة بحصر صادراتها إلى الغرب في المواد الأولية فقط، لقد تعلم الاقتصاديون الروس الدرس جيداً. العالم اليوم لم يعد يرى في الولايات المتحدة تلك القوة التي تظن نفسها أنها تمتلكها، فالصين الآن هي القوة الاقتصادية الأكبر في العالم، وإيران تستخف أكثر فأكثر بالصلف الأمريكي، حتى فنزويلا هي اليوم تقاوم الولايات المتحدة. إن تجاوزات واشنطن باعتمادها على دولارها كعملة احتياط وانتهاكها للقانون الدولي، شجع الأخرين للتخلي عن اللجوء إلى الدولار في التجارة العالمية، وهذا تهديد يمكن أن يكون الأكثر خطورة على قوة الولايات المتحدة وتفوقها العسكري على روسيا الدولار هو العملة الاحتياطية في العالم كان ذلك الهدف الذي حققه الرئيس روزفلت عبر الحرب العالمية الثانية، حين أدرك أن تلك الحرب ستؤدي بالمملكة المتحدة إلى الإفلاس وتجريدها من لقب الإمبراطورية، وبالتالي فإن الحرب ستعود بالفائدة على الولايات المتحدة، حيث يصبح الدولار شعار البلد والعملة الاحتياطية له، لكن اليوم بإمكان الولايات المتحدة طباعة المزيد من الأوراق المالية لتسديد حساباتها والحكومة ليس لديها أي إحراج في دعم الميزانية بهذه الطريقة، وبالنسبة لبلد مديون كما الولايات المتحدة فإن فقدان هذه الميزة سيكون ضربة قاصمة لها. واشنطن عليها أن تواجه هذه الكارثة إذا ما استمرت بفرض العقوبات الحمقاء ضد الدول الأخرى وانتهاكاتها للقانون الدولي، وكما سقطت الإمبراطورية الرومانية على أيدي الغزاة الذين اجتاحوا حدودها فيما مضى، فإن امبراطورية واشنطن في طريقها إلى السقوط، لأن الأمة التي لا تستطيع التخلص من نخبها المصابة بالتصلب ستنهار، فالشراهة والقسوة لدى هذه النخب لا تعرف حدوداً. أوروبا جوهرة الإمبراطورية، هي أيضاً أصبحت غير متجانسة بعد أن اجتاحتها الملايين من المهاجرين واللاجئين لدرجة أنها لم تعد أوروبية، ترامب هو الآخر غير قادر على حماية حدود الولايات المتحدة، علماً أن الحزب الديمقراطي يعارض بشراسة أي دفاع عن الحدود، حتى بتنا نتساءل عن حكومة تتخاذل في الدفاع عن حدودها في الوقت الذي تخصص فيه ألف مليار دولار في العام لوزارة الدفاع. إن الصهاينة من المحافظين الجدد الذين يوجهون السياسة الخارجية للولايات المتحدة لصالح إسرائيل منذ عهد نظام كلينتون يواصلون مكائدهم كما لو أننا نعيش دوماً في عالم وحيد القطب، ولأسباب مجهولة يتحدث مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب كما لو أنه لا يعرف شيئاً عن الوضع وكأنه يسيطر على العالم، في الوقت الذي سجل فيه الأوروبيون لأنفسهم - الذين تثير تبعيتهم للولايات المتحدة الشفقة - بأنهم لم يقبلوا بعطاء هضبة الجولان التي قدمها ترامب لإسرائيل. الحقيقة أنه لم يعد هناك سلطة أخلاقية لدى الغرب، فبعد الذي حصل في أفغانستان والعراق وليبيا والصومال وسورية واليمن و أوكرانيا والهندوراس واليوم فنزويلا نقول إن محددات الأخلاق تلاشت لديهم بل انهزمت، واشنطن تفقد ليس فقط قوتها الاقتصادية والعسكرية لكن أيضاً سلطة الإغراء والتضليل التي تمارسها من خلال البروباغندا الضخمة التي تبثها، على أنها ستجعل العالم أكثر أمناً، في الوقت الذي أصبحت فيه ديمقراطيتنا غير آمنة في الولايات المتحدة، وبعد لجوء أمريكا غير المسؤول نحو القوة والذي ترك الغرب مجرداً من أي قيمة أخلاقية، فكل الأكاذيب والبروباغندا التي يقدمها الغرب كهدية من الله إلى البشرية باتت مكشوفة بل وفشلت. العالم لم يعد يتصور هذا الإعجاب بالغرب أو تقليده، إنما يرى فيه الشرير المؤذي، بل يعتبره كأخطبوط كبير مصاص دماء ملتف حول العالم يغرز بضراوة منقاره الدامي في كل مكان يشتم فيه رائحة المال. إن الغرب يفقد الآن مكانته في قيادة العالم بالطبع في الوقت الذي تعاني فيه باقي دول العالم من الانقسام والشقاق، فالعالم الإسلامي بين سنة وشيعة غير قادر على الاتفاق ماينتج عنه ضعف الدول الإسلامية، القبائل الأفريقية لا يمكن أن تتحد، الهند وباكستان تبقيان في عداوة شديدة العنف والعداء، أيضاً بين الآسيويين اليابان والصين بينهما خلافات روسيا الاتحادية و هي بقية من امبراطورية سابقة أمامها تحديات كبيرة. إن انحلال الغرب وإغراقه في التنوع والتفاوت والتعددية الثقافية يعني بكل تأكيد أنه خسر ميزته في قيادة العالم لصالح العجز والضعف الناتج عن التشتت، فهل ماينتظر العالم هو الفوضى؟. |
|