تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


روسيا في ظل عودة بوتين ...ماهو المنتظر !؟

شؤون سياسية
السبت 10-3-2012
هيثم عدرة

الانتخابات الروسية والتي أسفرت عن فوز فلاديمير بوتين بنسبة نجاح مقدارها 64%, تعني أن الشعب الروسي حسم خياراته نحو طموحاته بمستقبل واعد له بصماته على المستوى الداخلي من جهة والدولي

من جهة أخرى نحو روسيا القوية والفاعلة على صعيد مجمل الأحداث التي تدور في العالم ,وهذا بالطبع يجسد كل ملامح الفترة القادمة للرئيس المنتخب ,وبالتالي ستشهد روسيا خلال السنوات المقبلة تغيرات استراتيجية جوهرية عنوانها الرئيسي إسقاط سياسة القطب الواحد ,وظهور روسيا كقوة فاعلة على مسح الأحداث في كل تفاصيل السياسة الدولية , وبالتالي سنشهد تراجعاً للعربدة التي تقوم بها الولايات المتحدة على المستوى العالمي من خلال بؤر التوتر التي توجدها هنا وهناك والتي تخدم استراتيجيتها للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد ومحاولة سيطرتها على العالم بشكل عام هي ومن معها ومن يدور في فلكها .‏

بكل الظروف والتغيرات في السياسة الروسية عناوينها واضحة وكلها تنطوي تحت اسم روسيا القوية والفاعلة في مسار الأحداث العالمية بكل ماتعنيه هذه الكلمة من معنى , ويبدو أن ذلك سيكون من أولويات بوتين على الصعيد الخارجي وكيف سيؤثر ذلك على علاقات موسكو بالغرب , وكذلك توجهاته للشرق الأوسط كأولوية في السياسة الخارجية الروسية .‏

لابدّ من القول :إن المرحلة القادمة ستشهد انتعاشا واضحا لحركة المستثمرين الجادين الذين يرون في الفترة القادمة حالة من الاستقرار تلائم واقع الاستثمار بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى.‏

لابدّ من القول: إنه ستشهد الفترة القادمة تحولات في السياسة الخارجية الروسية وجملة تعديلات , وتشمل بالدرجة الأولى العلاقة بين روسيا والغرب , وهذا يتطلب تعديل السلوك الغربي تجاه روسيا بشكل متسارع حول الملفّات الخلافية وإيجاد حلول لها , أما على صعيد العلاقة مع الولايات المتحدة كيف سيكون تصرف موسكو السياسي والعسكري رداً «على نشر عناصر الدرع الصاروخي الأميركي في أوروبا وتركيا، إن شبكة المضادات الصاروخية التي تعمل الولايات المتحدة على نشرها والتي باشرت بشكل فعلي بها في عدد من الدول الأوروبية وتركيا تمثل أعقد مشكلة في العلاقات بين موسكو وواشنطن , فهذا المشروع يثير قلقا» متزايدا» لدى موسكو طالما أن الدرع الصاروخية الأوروبية يمكن أن تشكل في المستقبل خطرا» على الصواريخ البالستية الروسية وهذا الواقع سيفرض نفسه على العلاقة وشكلها بين الولايات المتحدة وروسيا, وهذا يعني إيجاد صيغ للالتقاء حول الملفات الخلافية , ويبدو أن السياسة الأميركية تثير السخط لدى الجانب الروسي كونها تعتمد على سياسة الأمر الواقع التي تنتهجها الولايات المتحدة فيما تتخذ القرارات بشان نشر شبكة الدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا من دون أن تأخذ رأي الأطراف المعنية , وتعتقد روسيا أن هذه الأفعال يمكن أن تترك آثاراً سلبية على الأمن والاستقرار في رحاب أوروبا والمحيط الهادي , وتبقى الأمور معلقة من دون حل مسالة تعهدات قانونية بشأن عدم توجيه شبكات الدفاع الصاروخية في أوروبا ضد روسيا , وهذا الأمر يعتبر من الملفات المهمة التي قد تنعكس على العلاقة الروسية- الأميركية وبشكل سلبي يجعل الوضع مرشحاً لاحتمالات عديدة .‏

الواقع يشير أن نشر الدفاعات الصاروخية في أوروبا سيؤدي إلى تصاعد دخان حرب باردة جديدة بين موسكو وواشنطن , وهذا ما يجعل أسئلة كثيرة تطرح منها هل الأزمة الراهنة بين روسيا والناتو مفادها أن سياسة إصلاح العلاقات الروسية -الأميركية تعرض للفشل أو على الأقل لم توجد إشارات ايجابية في هذه العلاقات , وهذا يطرح سؤال آخر حول شبح سباق التسلح بين الدولتين.‏

إن استعداد روسيا لنشر صواريخ اسكندر في الأقاليم الغربية الروسية وفي جمهورية بيلاروسيا , رداً «على نشر الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا , اعتبرته قيادة حلف الناتو مؤشرا» على العودة إلى الحرب الباردة , أما روسيا وعلى رأي الكثير من المحللين تنطلق من ضرورة الحفاظ على قدراتها الخاصة للتصدي الاستراتيجي بصفته الضمانة الكفيلة بحماية أمن بلادها, ويبدو أن الولايات المتحدة تحاول التأكيد على أن نشر الدرع الصاروخي مجرد مناورة تكتيكية لتضمن تأييد روسيا لها فيما يخص ملفات في أفغانستان وكوريا الشمالية وإيران وليبيا الخ.‏

بكل الظروف توجد ملفات كثيرة تشكل حالة خلافية بين روسيا والولايات المتحدة منها الدرع الصاروخي وإيران وما يجري حول سورية من قبل الولايات المتحدة والغرب عموما» والدول الخليجية والتي تهدف إلى التدخل بالشؤون الداخلية السورية وهذا ما لا ترضى عنه روسيا كونها تعرف ماذا تريد الولايات المتحدة من سورية على وجه الخصوص والمنطقة بشكل عام , وهذا ما يفسر الإصرار الروسي على استخدام الفيتو حول أي قرار يستهدف النيل من وحدة الأراضي السورية واستقلالها والوقوف بحزم ضد أي تدخل عسكري في هذا الإطار , إضافة إلى الرؤية الروسية حيال ما يجري من تهديد لإيران حول برنامجها النووي ووقوف روسيا ضد أي عمل عسكري بهذا الخصوص والعمل على التعامل بالمنطق السياسي تجاه هذه الحالة 0‏

بكل الظروف السياسة الروسية حيال هيمنة الولايات المتحدة على المنظمات الدولية وتدخلها في شؤون الدول وعربدتها في العالم سيتم التعامل مع ذلك بمنتهى الحزم من جانب روسيا ووقوفها إلى جانب نصرة الحق والقضايا العادلة وهذا يعني نحن أمام عالم متعدد الأقطاب , وهذا يجعل مخططات الولايات المتحدة ونزعتها العدوانية نحو الانحسار والتراجع.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية