|
استراحة سؤال قديم جديد تحدث عنه الفلاسفة في العصور القديمة والوسطى،ويعاد طرحه في العصور الحديثة ليس من قبل الفلاسفة ولكن هذه المرة من قبل الباحثين في المختبرات العلمية. فقدماء الفلاسفة يرون أن الإنسان يكتسب القيم والأخلاق من المجتمع ،وأن البيئة التي يعيش فيها تؤثر في سلوكه الخير أو الشرير،ومثل هذا الرأي ذكره فلاسفة عصر النهضة الصناعية. لكن الأمثال الشعبية السورية التي تستند إلى التجربة والملاحظة تخالف هذه الفلسفة ،وترى أن ثمة عوامل ذاتية تحدد،فقالوا في الأمثال :( وردة تخلف شوكة ) وتضرب للابن السيئ المنحدر من أب على خلق قويم . وها هي التجارب العلمية تنقض آراء الفلاسفة ،وتعيد السلوك والقيم إلى هرمونات داخل كل فرد تؤثر في أخلاقه وطباعه ،وخلص العلماء إلى أن هرمون تستوستيرون يدخل في تركيب الإنسان المحب لذاته وأن هرمون أوكسيتوسين يجعل الإنسان متعاوناً.وقد جرى بحث علمي لتأكيد تأثير الهرمونات على الطباع البشرية بإشراف نيكولاس رايت من جامعة لندن ،ونشرت نتائجها في مجلة (بروسيدنجز) ، وأراد رايت وزملاؤه من خلال هذه الدراسة معرفة ما إذا كانت هناك أيضاً عوامل ذات تأثير مضاد، أي عوامل تحد على سبيل المثال من السلوك المتعاون، وقرروا دراسة هورمون تستوستيرون كنموذج وذلك لأن دراسات سابقة أظهرت أنه يحد من السلوك الاجتماعي ويشجع العدوانية ويؤثر بذلك على التعاون. وقام الباحثون بجعل امرأتين أمام شاشة كمبيوتر تظهر عليها صورتان بشكل متتابع، وكانت هناك صورة مختفية في إحدى هاتين الصورتين وكان على المرأتين أن تقررا في أي الصورتين يختفي هذا الهدف.وعندما كان اختيار المرأتين يقع على الصورة نفسها كانت التجربة تنتقل إلى الاختبار التالي، ولكن عندما كانت النساء المشاركات في التجربة تختار صورة مختلفة عن بعضهما، كان الباحثون يطلبون منهن أن يتناقشا معاً وأن يتصلا على صورة واحدة. وتكررت التجربة مع عدد من النساء بشكل ثنائي بالشكل بنفسه ،وأعطيت النساء في إحدى المرتين جرعة من هرمون تستوستيرون قبل التجربة وفي المرة الأخرى عقار وهمي. وأظهر تحليل النتائج أن تعاون النساء اللاتي لم يحصلن على جرعة من الهرمون كان أفضل في النتيجة الإجمالية للاختبارات حيث أصبن الهدف المبحوث عنه مرات أكثر بوضوح جراء تعاونهن مع شريكتهن في التجربة وذلك مقارنة بأقرانهن اللاتي حصلن على جرعة من الهرمون.وعندما كان معدل هورمون تستوستيرون مرتفعاً لدى النساء أنفسهن في المرة الأخرى فإن تعاونهن تراجع بنسبة كبيرة وهو ما انعكس في تصميمهن مرات أكثر على رأيهن وهو ما أدى بدوره إلى تراجع مرات الإصابة بشكل عام حسبما أوضح الباحثون. وخلص الباحثون إلى أن السلوك الاجتماعي هو نتاج تفاعل حساس بين عدة عوامل حيوية وأن هرمون تستوستيرون يجعلنا أكثر حبا للذات خلال هذا التفاعل وأن ذلك يساعد غالبا في العثور على أفضل حل لمشكلة ما ولكن الكثير من هذا الهورمون يمكن أن يعمي أبصارنا عن رؤية رأي الآخرين، وهو ما يمكن أن يظهر جليا عندما يحاول شخص متسيد فرض رأيه على مجموعة. |
|