تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التربية.. بين المفهوم وتكامل أدوار الأسرة

مجتمع
السبت 10-3-2012
غصون سليمان

كثيراً ما نستخدم في حياتنا، تعاملنا، حواراتنا، أحاديثنا كلمات أو جمل أو ألفاظ لها من الرفعة الأدبية مالها.ودائما مايكون التفاضل في داخل الأسرة بين الرجل والمرأة، بين الأب والأم بين الأخ والأخت ولعل الأكثر تداولاً هذه الأيام هو موضوع التربية في الإطار العام وتربية الأبناء على وجه الخصوص.

‏‏

بمعنى إلى أي حدّ تتكامل أدوار الأسرة في مجال التربية، والأدق ماأهمية تفاعل وتكامل الآباء والأمهات في تربية الأبناء.‏‏

البعض يقول: إذا كان الأولاد ذكوراً فالآباء من يتحملون مسؤولية التربية، ربما لأنهم يستطيعون وفق قدراتهم أن يتعاملوا مع هؤلاء الأبناء بشيء من الحكمة والعقلانية، والبعض الأخر يرى أن المرأة هي الأقدر على تربية الإناث (البنات) نظراً للخصوصية القائمة بين الأم والبنت.‏‏

فيما يؤكد العديد من الآباء بأن الأسرة هي النواة الأولى بشكل عام في المجتمع، والتربية تقع على عاتق الآباء والأمهات معاً، وبالتالي فإن التربية في هذه الحالة قد تكون على قرب من أحد فردي الأهل من الأسرة، فإذا كان التواصل شديداً مع الأم فهذه الأخيرة هي التي تتحمل المسؤولية ويأتي دور الأب كمنسق وموجه في عملية التربية والمراقب أيضاً، بحيث يوجه التربية نحو السلوك الأفضل بالنسبة لأبنائه، وهنا يلحظ السيد «أبو عادل» وهو أب لخمسة أولاد أنه يمكن التفريق في مسألة علاقة التربية ما بين الذكور والإناث وإنما الأفضلية الأكبر لتربية الذكور تقع على الأب كمسؤولية أكبر وكتوجيه، وعلى الأم المسؤولية الأكبر لتوجيه الإناث، لأنه حسب المعطيات فالأم على التصاق مباشر مع بناتها وهي المشرف الأول في المنزل.‏‏

لذلك يؤكد عدد من الآباء أن التعاون هو الأهم في طريقة التعامل مع الأبناء والقائم على التلاحم وتعزيز الصلة وإعطاء الثقة وتبادلها ما بين الأبناء وأهليهم، مايخلق مجتمعا صحيا متكاملاً نفسيا وجسدياً.. وهذا مهم لتنظيم العمل التربوي.‏‏

ويؤكد علي وحيد و هو أب لثلاث بنات أن الطفل بحاجة إلى حنان الطرفين لذلك لا يمكن القول بأن الأم أكثر أو الأب أكثر وإن كانت البنت هي قريبة من الأم من حيث التصريح بأي شيء ما، إلى جانب تقليد البنت لأمها فيما الطفل الذكر يقلد والده.‏‏

أما سليمان العلي فيشير إلى أن من يعرف أكثر هو الذي يعطي بشكل أكبر والفلاسفة لم يحدّدوا الغاية اليوم من يجب أن يكون إلى جانب الأبناء الأب أم الأم، لا فتا إلى وجود لمسة سحرية في طريقة التعاطي حين تعليم الأبناء، وأي شيء نعلمه للطفل هو بمثابة هوية. لذلك فإن تربية الأبناء يتوقف في الدرجة الأولى على ثقافة الأم ووعيها وتعلمها، فكلما كانت الأم أكثر وعياً، كلما ساعدها ذلك على تربية أبنائها وتقاسمت مع الأب أدوار التربية المتعددة.‏‏

إخفاقات تربوية‏‏

الدكتور موفق حماد استاذ علم القياس في كلية التربية يوضح بناء على ما تقدم حول مفهوم تكامل أدوار التربية بين الآباء والأمهات بأن ما قاله الإمام علي بن أبي طالب في مقولته المشهورة «لا تؤدبوا أولادكم بأخلاقكم فهم خلقوا لزمان غير زمانكم».‏‏

هذا الكلام برأي أ . حماد يصح لأن يكون نظرية تربوية متكاملة.‏‏

وهذه ربما فسرت لنا الكثير من الإخفاقات التربوية الكثيرة التي نقع فيها أحياناً، ففي هذا الكلام الذي قيل قبل 1400 سنة تقريباً كيف يكون حاله اليوم، ومن يربي الأولاد الأب أم الأم أم المنزل، هناك متغيرات كثيرة جداً وخاصة وسائل الاتصال الحديثة. معتبراً أن الأم هي حجر الزاوية في بنيان تربية الأولاد منذ ولادة الطفل. فهي التي ترضعه كي ينمو نمواً سليماً، وبالمقابل مع هذا الحليب ترضعه الكثير من القيم والعادات الصحيحة مستشهداً هنا ما قاله أحد الشعراء «والرضيع منّا لو صاح بنا.. ترضع حب الوطن قبل الفطاما».‏‏

إذا تعزيز حب الوطن والتربية على المثل العليا والأخلاق الحميدة وظرف القيم والعادات الجميلة بشكل عاطفي وجميل مع الرضاعة والأكل واللعب هو مبدأ هام، فيما التعليم عن طريق اللعب من قبل الأم في مرحلة عمرية مبكرة له تأثيره الكبير على نمو قدراته وسلوكه، والأم برأي الشاعر هي مدرسة إذا أحسن إعدادها.‏‏

القسوة واللين‏‏

ويوضح الدكتور حماد في هذا المجال أنه لا ينفي أو لا يلغي دور الأب في التربية، لأن دوره كبير وكبير جداً والحياة فيها تكامل مبيناً أنه في علم النفس ووفق المدارس المعنية هناك تكامل في الأدوار تعجز الأم عن أدوار مهمة ومفيدة يجب أن يقوم بها الأب والعكس صحيح حسب الطبيعة الإنسانية للبشر.‏‏

كما في أحيان كثيرة توصف تربية الأب بالقسوة والشدّة، ولكن يجب أن تترافق هذه القسوة مع العطف واللين وهي مطلوبة في كثير من الأحيان «الشدة والقسوة» في تربية الأطفال نظراً لنتيجة وقدرة هذه المتغيرات في التربية مثل الانترنت الذي أصبح سلاحاً ذا حدين ، إضافة إلى المسلسلات الاجتماعية والهواتف النقالة ووسائل الإعلام المختلفة.‏‏

وأضاف د. حماد إلى وجود بعض التناقضات في مفهوم الأبناء للآباء، لكن الحقيقة أنّ هم الأب والأم هو مصلحة الأبناء دون أي منازع.. ولكن هيهات أن تصل هذه الفكرة للأبناء وبشكلها الصحيح، إذ دائماً بحاجة الأب والأم بأن أفكارهما قديمة بنظر الأبناء ولا تستقم مع رؤيتهما، لذلك يتطلب وجود الوعي في أساليب التربية من وجهات نظر تربوية نفسية وحضارية وإنسانية: لافتاً أن اعتماد أساليب التربية التي اعتدنا ودرجنا على اتباعها من الآباء والأجداد، قد لا تكون هي الصحيحة في مفاصل عديدة في هذا الزمن.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية