|
ثقافـــــــة قال: «العلم عقل والأدب قلب، وكما أن الإنسان لا يستطيع أن يعيش دون أحدهما لأنه ميتٌ عندما يتوقف قلبه وحيٌّ ميِّتٌ عندما يتوقف عقله عن العمل، كذلك الكاتب لا يمكن أن يكتب بقلبه وحده، ولا يمكن أن يفكر بعقله وحده, فلا بدَّ للعقل والقلب من أن يمتزجا في كل رأي.. في كل فكرة, لأن هذا هو الفرق بين إنسان الأمس وإنسان القرن العشرين».. لا شك أن ما قاله هذا الأديب الذي تميز بخيالٍ جعله يستبصر المستقبل البعيد في أعماله، يدفعنا لفضول معرفة ما قاله أدباء العالم ولكن فقط عن معنى الأدب, مهمته ودوره في حياتهم.. يغِّير.. يحفِّز.. يخرج الإنسان من قوقعته -خوليو كورتاثار - روائي أرجنتيني: لا شك أن اغتصاب الأوروبيين الذين يتحدثون اللغة اللاتينية (اسبانيا – البرتغال – فرنسا) لأراضي القارة المُكتشفة (أميركا) سبَّب في إبادة سكانها الأصليين والقضاء على حضارتهم, ما أدى إلى انشغال أدباء أميركا اللاتينية بالقضايا الإنسانية, مؤرخين بذلك الظلم الذي وقع على الهندي الأحمر مثلما أحاسيسهم تجاه الأغراب وأيضاً حجم الدمار الذي أصابهم وانهيارهم الروحي, ما جعل أدب أميركا اللاتينية يتصف بأدب الواقع الفجائعي وبمختلف مهامه, وبما يؤكِّده قول الأديب الأرجنتيني «خوليو كورتا ثار»: إن أدبنا جدير باسمه, إنه الأدب الذي يؤثر بالإنسان في كل النواحي وليس فقط في الناحية الاجتماعية والسياسية, ولكوننا ننتمي إلى العالم الثالث, فإن أدبنا يتسامى بالإنسان، يُحفِّزه.. يغيِّره.. يُخرجه من قوقعته يجعله أكثر واقعية وأكثر إنسانية».. الأدب نوع من العصيان الدائم -ماريو فارغاس يوسا - أديب بيروفي: يبدو أن ما دفع هذا الأديب لامتهان الأدب،هو رغبته بممارسة العصيان على الواقع الذي ولأنه وجد فيه أكذوبة كبرى, لجأ إلى الكتابة ليعيش حياة تخمد طموحات عجزت الحياة عن إشباعها لديه, وأيضاً من أجل ملء الفجوات التي يكتشفها حوله، حتى وإن كان ما يملأ به تلك الفجوات، عبارة عن أشباح يصنعها بقولٍ منه: «الأدب نوع من العصيان الدائم الذي لا يسمح بارتداء قمصان المجانين، وكل المحاولات التي تستهدف إخضاع طبيعته العاصية، سوف تفشل.. يمكن للأدب أن يموت لكن لا يمكن أن يكون ممثلاً أبداً, فمهمته التحريض.. الإقلاق..الإزعاج.. إثارة الرغبة في تغيير كل شيء ودون هدنة».. لخلق كون تبتدعه الكلمات -إيزابيل الليندي - روائية تشيلية: لقد امتهنتْ الأدب رغبة منها بكتابة ما بإمكانه أن يتحدى كل مايصيبها من جنونٍ وخبل, وعن طريق خلق كونٍ تبتدعه الكلمات. كون قد يعبِّرُ عن خصوصياتها ولكنه من الاتساع, بحيث يمكنه استيعاب أناس آخرين يصبحون جزءاً من عالمها.. لهذا امتهنت «الليندي» الكتابة الأدبية.. لتغيير العالم. عالمها الضبابي المظلم الذي غادرته إلى عالم الإبداعات الروحانية الذي قالت عنه: «كتاباتي الأدبية تريحني بالرغم من أنها تكلفني الكثير, لأن كل كلمة هي أشبه بحجرة حارقة, والصفحات التي أكتبها هي رحلة لا رجعة عنها في نفق ٍ طويل لاأرى له مخرجاً.. إنه نفق الانعزال الذي اخترت المغامرة فيه لطالما الكتابة هي تفحص دقيق في أعماق النفس.. رحلة إلى أشدِّ كهوف الوعي عتمة».. خروجنا من سديم أفكارنا -هالدور لاكسنس - روائي آيسلندي: إنه أديب الشعب. الأديب الذي عالج في كتاباته هموم الناس, جوعهم، دموعهم, عذابهم, إحساسهم بكرامتهم وهو ما جعله أميناً على روح شعبه مثلما جعل أغلب أبطاله من الفلاحين المقهورين والفقراء والنساء العاشقات المجروحات.. يقول عن الأدب: «الأدب هو خروجنا من سديم أفكارنا القلقة إلى النور.. إلى الشعب, حيث علينا دراسته ودراسة تقاليده وعقليته ومعاناته واحتياجاته.. إنه الأدب الجيد من يفعل هذا،أما الأدب الرديء فهو الذي تكون أنفاس الأنانية هي من نسجته».. يساعد الإنسان على فهم نفسه -مكسيم غوركي - أديب روسي: عاش حياته متنقلاً بين أعمال شاقة وعديدة, وإلى أن استطاع أخيراً امتهان الأدب وبما اعتبره نقلة ضرورية في حياته.. نقلة أرادها بعيدة كل البعد عما عاناه في حياته من بؤس وتشرد ويأس وتشظِّيات روحية, ما دفعه وبعد أن تمرّس في الإبداع الروائي يقول عن مهمة الأدب: «مهمة الأدب هي أن يساعد الإنسان على فهم نفسه ويدلُّه على الخير الكامن فيه.. مهمته أن ينمّي تطلُّعه نحو الفضيلة, ويثير في نفسه الغضب على قوى الشرِّ, ويزوده بالشجاعة.. إن غاية الأدب هي أن يفعل كل ما يمكنه أن يحبِّب الحياة إلى الناس». أخيراً هذا ما قاله أدباء العالم عن الأدب, وكلٌّ حسب رؤيته له وطريقته في ممارسته, ليكون أكثر ماحرضتهم على امتهانه, الابتعاد عن واقع أليم إلى أكثر جمالية, والهروب من ألم العلة إضافة إلى إخفاقات الحب أو ربما العيش ضمن عوالم خاصة حالمة متمردة فاضلة وذات معنى وأهمية... |
|