تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الدم الفلسطيني مسؤولية الجميع

دراسات
الاحد 16/10/2005م
عدنان كنفاني

صرخنا حتى بحت أصواتنا, ورجونا حتى توقفت أنفاس الرجاء, وحذرنا حتى انكشفت ستائر ما كان يجري في الخفاء..

ولكن.. يبدو أن إرهاصات الاتفاقيات المنقوصة واستحقاقات تنفيذها بأي وسيلة وأي طريقة وأي ثمن, وتجاهل نبض الشارع الفلسطيني وأمنياته, وسوء تقدير أو تجاهل فهم حصيف للمعنى والرسالة التي قدمها الشعب الفلسطيني, ولحجم التضحيات التي قدمها هذا الشعب الأسطوري الصامد على مسيرة قرن من الزمان في صموده وتصديه بكل شرائحه وتصنيفاته(فلسطينيو الداخل, وفلسطينيو الضفة, وفلسطينيو غزة, وفلسطينيو الشتات) وحتى هؤلاء يجري تفصيلهم مقاسات مجزأة ومقزمة كي تتماشى مع الخطط المرتبة والموضوعة) للمشروع الصهيوني.‏

هذا المشروع الصهيوني الإمبريالي الكولونولي المختصرة مراميه بمقولة بسيطة وسهلة ومفهومة ومكشوفة في أن لا نكون على قائمة الأحياء..لا بشراً ولا تاريخاً ولا ديناً ولا عرباً ولا تراثاً..‏

فهل ينتهي بنا المطاف إلى اقتتال أرعن?‏

وهل يكون الدم الفلسطيني هو ثمن تلك الإرهاصات.?‏

وأنا هنا لن أضع نفسي تحت اتهامات من سيتهمون, بأنني من تيار المعقدين بعقدة المؤامرة..!‏

أو من المكفرين أو المخونين, ولا أحمل نفسي هذا العبء, ولكنني أجرؤ وأزعم وأقول هي أفكار وتوجهات قد تكون صائبة وقد لا تكون, وقد تكون عن حسن أو عن سوء نوايا, لكنني بكل الصدق أقول. ومهما كانت حدود تلك الأفكار ومستوياتها بين شرائح الفكر المقاوم الفلسطيني, مكانها طاولة حوار..‏

لقد استطاع الشعب الفلسطيني على مسيرة نصف قرن من بدء المقاومة المسلحة وولادة التنظيمات بألوانها المختلفة أن يسقط رهانات المراهنين الذين راهنوا على كل شيء..(هزيمة) نسيان, رضوخ, وأخيراً..اقتتال فيما بيننا!‏

والغريب العجيب هو أننا نسمع في كل يوم وفي كل لحظة ومن كل التوجهات وطيوف ألوانها, ومن الشخصيات المسؤولة والمعارضة, بأن فلسطين هي الهدف وهي الغاية وهي المصير..وأن اللحمة الوطنية هي الطريق لتحقيق كل طموحاتنا, وأن الحد الأدنى من الصمود هو الذي يبقي حماس القضية متوهجاً أمام ضمير العالم.‏

فكيف نفسر ما يجري الآن.?‏

إن الاقتتال الداخلي فيما بيننا لن يصل بأي فريق لفرض توجهاته على الفريق الآخر, بل سيجعلنا أكثر ضعفاً, وأقل قدرة على مواجهة العدو الحقيقي والرئيسي(الصهيونية وحلفاؤها), ولو قرأنا دروس التاريخ لاستطعنا إدراك هذه الحقيقة. وليس من سبيل بعد كل هذا التاريخ إلا بالرجوع إلى نبض الشارع الفلسطيني, وإلى المطالب التي لن يرضى الشعب الفلسطيني عنها بديلاً, والتي تتعلق بوجوده وكينونته, إنها صرخة موجوعة من ضمير مواطن فلسطيني ينتمي بنبضه وروحه إلى فلسطين.‏

وهي دعوة مخلصة إلى الجميع للترفع عن العصبيات, وتجاوز الاتهامات, والحذر من مخططات الصهاينة الذين يرقصون الآن على بداية طوفان الدم الفلسطيني.‏

فهل نكون الوقود.?‏

وهل نفتح بسلوكنا غير المسؤول طريق انشقاق جديدة, وبوابات مشرعة لدخول كل من يذكي النار أواراً.?‏

لنا كل الثقة بعقلائنا القادرين على احتواء ما جرى, وجمع الأخوة على طاولة حوار واحدة.‏

وأردد أيضاً بأن فلسطين هي الأكبر, والدم الفلسطيني الذي روى ترابها هو الأبقى.‏

* كاتب فلسطيني‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية