|
معاً على الطريق ففي العام المذكور, في التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول, كتب (تريستش) وهو صهيوني بارز, كتب رسالة إلى مؤسس الحركة الصهيونية (تيودور هرتزل) يقول فيها: أود أن أقترح عليكم أن تنظروا, مع الزمن, إلى مخطط (فلسطين الكبرى) قبل أن يفوت الأوان كثيرا. إن برنامج مؤتمر بال القادم, يجب أن يشتمل على عبارة (فلسطين الكبرى) أو (فلسطين والأراضي المجاورة لها) وإلا فسيكون مجرد سخافة, لأنه من غير الممكن اجتذاب عشرة ملايين يهودي إلى أرض مساحتها 25 ألف كم مربع فقط. ضمن هذه الرؤية إلى واقع الصراع بيننا وبين الصهاينة يجب أن ينظر إلى المستقبل, كما أعتقد, وذلك حتى لا نؤخذ ب (النيات الطيبة) التي يحاول شارون ومعاونوه أن يجعلوا منها معبرا لتحقيق أطماعهم. والبدايات كما نراها ونقرأ عنها, ليست كل البعد عما رغب به تريستش ويرغب بها بالتأكيد خلفاؤه في أيامنا هذه. وكما هو ملاحظ فإن شهية الوصول إلى فلسطين الكبرى فقط لم تشبع صاحبها فنصح بأن تكون (البلدان المجاورة) أيضا جزءا منها. وعلى هذا النحو نقرأ اليوم عن المخططات الرامية إلى تثبيت وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة, كما كنا نقرأ في العقود القليلة الماضية عن مخططات التوسع لاستيعاب المزيد من اليهود القادمين من أثيوبيا ومن عدد من الدول التي كانت تعرف بدول المنظومة الاشتراكية, والآن ربما تزداد هجرة اليهود المقيمين في دول أوروبية تتعاطف مع الحركة الصهيونية وخصوصا فرنسا, إلى الأراضي الفلسطينية التي لا تزال رازحة تحت الاحتلال. إن مؤتمر بال الذي عقد في التاسع والعشرين من شهر آب عام 1897 وأوصى بتشجيع الهجرة المنظمة والواسعة إلى فلسطين, كما جاء ذلك في خطاب تيودور هرتزل الافتتاحي للمؤتمر, كان من الناحية العملية, امتدادا لما أراده يهودي فرنسي لم تذكر المراجع التاريخية اسمه, في رسالة وجهها إلى أبناء قومه أيضا في التاسع والعشرين من شهر آب ولكن في العام ,1798 دعاهم فيها أن يؤلفوا مجلسا أعلى مقره باريس وتكون مهمته إرجاع اليهود إلى ماسماه بوطن الأجداد فلسطين. وأضاف إلى ذلك قوله: إن هذا الوطن يمتد من بلدة عكا إلى البحر الميت, وسوف يمكننا من السيطرة على ملاحة البحر الأحمر وعلى تجارة إيران وآسيا وعلى تجارة الهند وبلاد العرب وأفريقيا الشرقية والجنوبية. في اعتقادي إن إعادة قراءة وثائق من هذا النوع, لا بد أن توضح ما لم يكن واضحا كفاية لأبناء الجيل الحالي, ومن هنا أهمية الربط بينها وبين المستجدات الراهنة على الأرض العربية في فلسطين المحتلة, لما لهذا الربط من أهمية في شرح ما يجري الآن من حولنا ومما هو مخطط لمستقبلنا, ليس على الساحة الفلسطينية فقط بل حتى على الساحات العربية عموما, وذلك بفعل استعماري رأس حربته في أيامنا هذه شارون وحلفاؤه. |
|