تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التمــــييز بــــين الأطفــــال ... نـــــار تحــــت الرمـــــاد

مجتمع
الاثنين 2-5-2011
حنان المقداد

عالم الطفل متميز عن عالم الآخرين، فالطفل كتلة من المشاعر والأحاسيس، يستطيع أن يميز الاهتمام الذي يتلقاه من أسرته ومدى قوته، فالتمييز بين الأطفال هو من أسوء الأشياء التي لا يدرك الأهل عواقبها فيما بعد.

وفي إطار هذا الموضوع التقيت ببعض الأطفال الذين يعانون من مشكلة التمييز من قبل أهلهم والبداية كانت مع:‏

لينا (10 أعوام) التي حدثتني عن معاناتها من تمييز أمها لها عن باقي أخواتها البنات كونها تعاني من صحة زائدة وقالت إنها دائماً تفكر بالهروب من المنزل واللجوء إلى أي مكان تشعر فيه بالرعاية والحنان فهي تتمنى أن تعيش مثل باقي أخواتها وتمارس حياتها من دون حقد أو كره.‏

أما الطفل تيم (12 عاماً) والذي روى لي قصة تمييز بينه وبين أخيه الأكبر نتج عنها حقد وكره لأخيه وذلك نتيجة إحساس بالنقص وشعور بانعدام ثقة الأهل به وعدم الرضا عما يفعله مقارنة بأخيه الكبير والذي يتغنون بإنجازاته دائماً ويشعرونه بالفشل وعدم الارتياح لنتائج كل ما يفعله.‏

ولكي نسلط الضوء على هذا الموضوع التقينا أ. د. سلوى مرتضى من كلية التربية قسم تربية الطفل حيث أجابت عن هذه الأسئلة وكان أولها:‏

- ما المقصود بالتمييز؟‏

يعد التمييز بين الأطفال ذكوراً وإناثاً أو بين الإخوة عموماً مثل النار المختبئة تحت الرماد فهي أحد الأخطار المحدقة في المجتمع والتي يمكن أن تعود لعصر الجاهلية.‏

لذا تعد التربية هي المسؤول الأول عن سلوك الأبناء في كل مراحل حياتهم وهنالك أخطاء في التربية قد ينتج عنها فراق بين الأبناء ألا وهي التمييز بين الذكور والإناث، بين الكبار والصغار، بين الأذكياء وغير الأذكياء، بين المعوق والسليم.. الخ.‏

من أنواع التمييز‏

إعطاء حقوق لطفل دون آخر مع منع الآخر من حقوقه.‏

ما الأسباب التي تجعل الأهل يميزون بين الأبناء؟‏

- تفضيل الأولاد على البنات أي الذكور على الإناث وهي عادة دارجة في بعض المجتمعات العربية فيكون الذكر محط اهتمام الأسرة وخاصة إذا كان وحيداً في الأسرة بين عدد كبير من البنات وتهمش البنت هنا بينما يصبح أخوها هو المفضل والمميز باعتباره رمزاً أمثل لاستمرار الأسرة.‏

- قد يصبح الطفل مميزاً لدى أسرته إذا كان لديه شكل جميل مميز عن إخوته.‏

- وقد يكون هنالك طفل مريض بالأسرة يستحوذ على اهتمامها فيميز عن أخوته.‏

- الذكاء الذي يتمتع به أحد أطفال الأسرة ما يشد انتباه الأبوين له و يتم اعطاؤه مميزات وحقوقاً قد يحرم باقي أطفال الأسرة منها.‏

- الاستثمار العاطفي لتحقيق حلم أحد الوالدين وهذا سبب قد لا ينتبه إليه الأهل في أغلب الأوقات.‏

فيقوم أحد الوالدين باختيار أحد أطفاله لتحقيق حلمه الذي كان يراوده من قبل ولم يستطع تحقيقه فيحمله مسؤولية هذاالحلم ليشعر بقية الأطفال بأنهم مهملون بجانب الطفل المميز والمختار لهذا الدور.‏

ما العوارض التي تنشأ عند الأطفال؟‏

تختلف العوارض التي تظهر عند الأطفال تبعاً لطبيعة الأطفال فنذكر منها:‏

عدائية الأطفال تجاه الآخرين (أقران- أهل- أخوة) وذلك للفت النظر إليهم وإعطائهم بعض الاهتمام وقد تظهر العدائية برسوم الأطفال وألوانهم وكتاباتهم.‏

قد يجد الأطفال صعوبة في التحصيل الدراسي رغم أنه لا ينقصهم الذكاء وذلك بسبب شعورهم بالإحباط.‏

ضعف الثقة بالنفس وعدم القدرة على تحمل المسؤولية.‏

قد يترسخ هذا التمييز في اللاوعي لدى الطفل فيميز بين أطفاله عندما يصبح أباً أو أماً في المستقبل.‏

إن التمييز بين الإخوة قد يترك آثاراً سلبية على علاقات الطفل الاجتماعية المستقبلية كالعلاقة الزوجية أو العمل.‏

ما الحل لهذه المشكلة والتغلب عليها؟‏

على الأهل اتباع خطوات متوازنة ودقيقة تحكم تعاملاتهم اليومية مع أبنائهم كي لا تظهر حساسيات وكره وانتقام بين الأولاد ولاسيما أن الفرد سواء في مرحلة الطفولة أم المراهقة أم حتى عند الكبر يغار من قرينه إن كان شقيقه إذا ما شعر أنه أفضل منه وأنه يحظى بتعامل خاص.‏

إن التمييز بين الأطفال خطر يصيب الأسرة يجب تداركه منذ البداية حتى لا يخلق بين الإخوة انفعالات وشجاراً يتطور مستقبلاً لحد الانتقام.‏

هل هناك دراسات أكاديمية أو أبحاث تحدثت عن الموضوع؟‏

طبعاً يوجد الكثير ولكن الأبحاث التربوية والاجتماعية والتي تبحث في مشكلات الأطفال السلوكية أو التحصيلية أو غيرها بينت أن‏

أحد أسباب هذه المشكلات هو التمييز بين الإخوة.‏

فإعلان المحبة للأبناء دون تمييز هو ترجمة لحب وحنان الوالدين ومحاولة منهما للوصول إلى درجات المساواة فإن لم ينجحا في ترجمتها وتجسيدها على أرض الواقع عبر التصرفات الفعلية فإن ذلك سيفضح ما قد يخفيه الأب أو الأم على حد سواء.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية