|
من داخل الهامش وعلى خجلٍ أعبر طريق الربوة متجهاً إلى أحد الأصدقاء أفرحني منظر الحور الذي أشعل اخضراره بين ليلة وضحاها وعلى وجل كأنني به يتذكر أحمد شوقي وسعيد عقل وبدوي الجبل، والأخطل الصغير، والجواهري وأتذكر من عبر هذا المكان وخلده إبداعا لأنه جزء من جمال الكون، من حضارة سورية، من تاريخها.. شجر الحور أورق، وجرى بردى وفي القلب غصة، في القلب حرقة، وجسد أصغر من جراحه.. ووطن يكيدون له ألف مكيدة، وكلما انكفأ مشروع فتنوي يعدون مشروعاً آخر.. وطن لم يكن في يوم من الأيام إلا بلسماً لجراح العالم كله.. انظروا منذ مطلع القرن العشرين حتى الآن.. ماذا كانت سورية.. هل هي إلا الوطن لكل من لاذ بها.. بل وقبل ذلك وعبر التاريخ، حضارتنا هي روعة السبك والانصهار لكل الأطياف والأجناس والأعراق.. سورية وطن أكبر من الجغرافيا، أكبر من الضغائن، سورية ليست تراباً وحجارة وكفى، سورية بوابة التاريخ.. سورية الحرية والكرامة، بوابة العطاء.. مبذولة لغيرها، للغريب والقريب.. لقمة الخبز تقاسمناها مع كل جائع، مع كل غريب وقريب، سورية منحت الامان وعلّمت، ونوّرت.. مدارسها، معاهدها، جامعاتها، منازلها، دور عبادتها.. للآخرين.. سورية وطن الحور والتفاح والعنب والكرز، والأرز، سورية قاسيون وجبل الشيخ.. سورية كل ذرة تراب وحبة رمل ربيعك هذا العام مختلف.. مختلف.. فيا شجر الحور عاتبتك الخنساء لأنك لم تجزع على فقد ابن مالك.. ونحن نعتذر لأننا لم نكن شهوداً على وريقاتك وهي تتفتح.. لم نقصدك بعد لنتفيأ ظلك.. لكننا قادمون.. وأنتم يامن قاسمتم الآخرين رغيف الخبز نعتذر لأنكم أعطيتم الخبز لمن.. ويامن حرمت من مقعد دراسة ليقدم لشقيق آخر.. نعتذر من أنفسنا من الألم لكننا مشفوعون بالأمل أن الحور سيورق ثانية وثالثة هذا العام، وسيبقى بردى ملهم الشعراء.. نعتذر لأن مساحة الألم أكبر من حدود الجسد والجغرافيا ولكننا أمام بياض حقيقي قادم لن يدنسه عابرو مذابل التاريخ.. d hasan09 @gmail com |
|