|
مجلة تايم الأميركية لطلبه تقديم تنازلات بشأن الاستيطان. ولأن الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي سبقته قد دأبت على عدم ممارسة أي ضغط على «إسرائيل» في عام الانتخابات. لكن مع ذلك توجد مؤشرات على احتمال لجوء أوباما إلى بذل بعض الجهود لإحلال السلام في الخطاب الذي سيلقيه في غضون الأسابيع المقبلة. لاريب أن ثمة خطورة من قيام الرئيس الأمريكي باستعداء الإسرائيليين أو أنصارهم ممن لهم دور في إعادة انتخابه. لكننا نرى أن الإسرائيليين بأمس الحاجة في الوقت الراهن لوجود إدارة مثل إدارة أوباما تعرب باستمرار عن وجود فرص في إمكانية التوصل إلى أسس يمكن التفاوض عليها مع الفلسطينيين. وفي الواقع فإن رئيس الحكومة نتنياهو يعد العدة لإلقاء خطاب في واشنطن في أيار المقبل سيعرض فيه أفكارا مثل سحب القوات من بعض أجزاء الضفة الغربية وتفكيك البؤر الاستيطانية غير الشرعية. لكنه لن يتطرق إلى تفكيك المستوطنات التي يرى مجلس الأمن بوجودها انتهاكا للقانون الدولي. لا يرى الخبراء فيما سيقوله نتنياهو عن تقديم تنازلات أمرا مشجعا لرئيس السلطة محمود عباس بالعودة إلى التفاوض، في حين سيأمل رئيس الحكومة الإسرائيلية أن ينظر الغرب إلى رفضه باعتباره عقبة في طريق تقدم العملية السلمية. وربما نسمع وعودا في خطاب أوباما لكنها لن تكون إلا على غرار خطبه التي ألقاها في السنتين الأوليتين من حكمه. إن ما يترامى إلى مسامعنا من اقتراحات قد يطلقها كل من نتنياهو وأوباما تجعلنا نتوقع عدم إحراز أي تقدم في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لأن الهدف منها لا يعدو عن كونه تجنبا لحدوث تسونامي دبلوماسي (على حد وصف إيهود باراك) عندما تواجه «إسرائيل» في شهر أيلول محاولة السلطة الفلسطينية الحصول على اعتراف دولي بسيادتها على دولة تقوم في حدود عام 1967. وفي هذا السياق، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور جون كيري إن الهدف من أي مبادرة يتقدم بها أوباما هو تفادي “مخاطر أيلول” وأن الإدارة الأمريكية ستبذل قصارى جهدها لتجنب ما يربك «إسرائيل». من المتوقع أن تقر الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع القرار المتعلق بقيام الدولة الفلسطينية خلافا لما دأب عليه مجلس الأمن المؤلف من 15 عضواً، لأنه ليس في الهيئة من له الحق باستخدام الفيتو، لذلك لن يتسنى للولايات المتحدة منع الاعتراف بالسيادة الفلسطينية على أراضي الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية إلا عبر إقناع الفلسطينيين بالعودة عن مطلبهم وخاصة أنها على ثقة بأن عباس لن يجازف بالتخلي عن رعاية الولايات المتحدة التي يعتمد عليها في استراتيجيته ويعمل على تحدي رغبات البيت الأبيض ذلك لأنه تلقى درسا عندما عرض في شهر شباط على مجلس الأمن المطالبة بوقف النشاطات الاستيطانية على الأراضي المحتلة في عام 1967 حيث لجأت الولايات المتحدة إلى استخدام حق الفيتو للحيلولة دون إقراره، وأوقع واشنطن في ورطة إزاء حلفائها الأوروبيين الذين صوتوا لصالح هذا القرار معبرين في ذلك عن نفاد صبرهم من نهج الولايات المتحدة. إن مبرر الإدارة الأمريكية المؤيد من «إسرائيل» في استخدام حق النقض هو لكونها تقود المفاوضات بين «إسرائيل» والفلسطينيين التي ستفضي إلى التوصل لإنشاء دولة فلسطينية لكن هذا المبرر قد فقد مصداقيته في نظر القيادة الفلسطينية بعد أن فشلت الولايات المتحدة خلال عقدين من الزمن في التوصل إلى اتفاق يرضى به الطرفان. يبدو أن خلافا قد بدأ يظهر في الأفق عندما ألغت إدارة أوباما اجتماعا للجنة الرباعية كان يهدف إلى مناقشة أوضاع «الشرق الأوسط» في الوقت الذي كانت تأمل به كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا بوضع معايير لحل الدولتين في ضوء الإجماع الدولي على اعتبار الحدود بين الطرفين هي حدود عام 1967 مع القيام بإجراء تبادل متكافئ للأراضي وأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. لقد فقد الأوروبيون ثقتهم بقدرة الولايات المتحدة على التوصل إلى اتفاقية يرضى بها الطرفان ويرون أن دول العالم تجمع على ضرورة وضع معايير الدولتين على بساط البحث. إن الاعتراف الدولي بحل الدولتين على حدود عام 1967 سيعطي للفلسطينيين الأمل بإمكانية تحقيق ما يصبون إليه وخاصة في الوضع الحالي الذي لا يدفع «بإسرائيل» للقبول بالتنازل عن أي قطعة من الأرض بل يجعلها تفضل الإبقاء على الوضع الراهن وخاصة أن ثمة ضغوطاً داخلية من قبل الإسرائيليين الذين يعارضون التنازل عن الأراضي المحتلة لأنهم يعتبرونها أرضهم وفقا لما ورد في الكتاب المقدس. يعلم الفلسطينيون أن اعتراف الأمم المتحدة لن يفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ولن يخرج الكيان الفلسطيني المعترف به إلى حيز الوجود الفعلي. لكنه سيجعل من الوجود الإسرائيلي في تلك الأراضي أمرا غير مشروع إلا بموجب اتفاقية لتبادل الأراضي بين الطرفين أو بتقديم ميزات أخرى للفلسطينيين. يبذل الإسرائيليون قصارى جهدهم لتجنب قيام الأمم المتحدة أو الرباعية باعتماد حدود عام 1967 كأساس للتوصل إلى اتفاق لأنهم مازالوا يعتقدون بإمكانية تحديد بنود للاتفاق بمؤازرة من الولايات المتحدة. إن الهدف الرئيس من خطاب كل من أوباما ونتنياهو هو العودة إلى مفاوضات السلام ويريان أن ما يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة من اعتراف بدولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967 سيقف حائلا دون تحقيق ما يبتغيانه. بتقديرنا نرى أن الوعود والاقتراحات التي سيطلقها أوباما ونتنياهو التي تهدف إلى ثني الفلسطينيين عما يخططون له ستكون عديمة الجدوى لأن هناك بوناً شاسعاً بين ما يسعى كل من الطرفين إلى تحقيقه الأمر الذي يحول دون إمكانية التوصل إلى اتفاق بينهما وخاصة أن الجميع على ثقة بأن الرئيس الإسرائيلي لن يتقدم بتنازلات يرضى بها عباس. لقد أصبح الفلسطينيون على قناعة تامة بأن المفاوضات لن تأتي أكلها إلا إذا قدموا إلى طاولة المفاوضات وفي جعبتهم اعتراف دولي بمطالبهم المتمثلة بإقامة دولة فلسطينية في حدود عام 1967 بدلا من القدوم إليها محملين بخطاب آخر من الرئيس أوباما على غرار خطاباته السابقة. |
|