تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


القصة في الموروث الجولاني تعبير عن مفهومي البطولة وحب الوطن

الجولان في القلب
الأثنين 9-5-2011م
لقاء: اسماعيل جرادات

للقصة بألوانها الأدبية، وخصائصها ومميزاتها دور كبير في إذكاء الروح الوطنية ليس لدى أبناء الجولان وحسب، إنما في بلدنا سورية، وكان لمؤلفي القصة حضور مكثف سواء في الآداب القديمة، والحديثة، وهي فوق كل ذلك وسيلة من وسائل نشر الثقافة والمعارف بسبب ماتنطوي عليه من جاذبية، وتأثير في النفوس..

‏‏

وتعد القصة الفن الأثير في التعبير عن الجولان وقضيته العادلة، مثلما كان لها الدور الكبير في تنمية روح الوحدة الوطنية التي تجلت ليس في حرب تشرين التحريرية عام 1973 وحسب، إنما في كل دقائق الأمور التي نعيشها.‏‏

نحن أبناء سورية، وقد تجلت هذه الوحدة من خلال مواجهتنا للهجمة التآمرية التي شنتها على بلدنا أميركا ومعها الصهيونية وبعض الأشقاء العرب الذين ارتموا في أحضان الصهاينة وأميركا، لكن وعي شعبنا والتفافه حول قيادته بقيادة الرئيس بشار الأسد أسقطت المؤامرة وأدواتها، وسيكون لكتّاب القصة دور كبير في تبيان هذه الحالة من خلال كتاباتهم التي تعبر عن تطلعات شعبنا في العيش بكرامة وعزة في وطن العزة والكرامة.‏‏

أثر القصة‏‏

الباحث الجولاني أحمد محمود الحسن يتحدث عن القصة وأثرها في تنشئة الأطفال فيقول: إن قصص الأطفال على وجه العموم المكتوبة عن الجولان تبرز مفهومي البطولة وحب الوطن والطفل البطل وتؤثر تلك القصص في تكوين شخصية الطفل في المستقبل وتركز القصص على الأمور التالية:‏‏

- التركيز على نشر الوعي القومي والوطني لدى الأطفال.‏‏

- نهج طريق المقاومة لتحرير الأرض.‏‏

- أهمية التراث الشعبي في مواجهة الغزو الصهيوني والاعتزاز بهذا الموروث.‏‏

- التشبث بالأرض والحنين للوطن والأمل بالعودة والتحرير.‏‏

- ربط القضية الفلسطينية بقضية الجولان و أن المصير واحد والعدو واحد.‏‏

ويتابع قائلاً: يتأثر الطفل بالقصص بالتأثير في سلوكه وتعزيز الموهبة الأدبية لديه وكذلك تجديد الحالة الوطنية من خلال قراء الأطفال.‏‏

- قراء الصغار للصغار/عبر مسابقات قصصية بين الأطفال واختيار الأفضل.‏‏

- قراءة الكبار للصغار/استضافة أدباء/.‏‏

- الأندية القصصية وأندية القراء على مستوى الصف والمدرسة والمحافظة.‏‏

لنصل إلى الأديب الصغير الملتزم بحب وطنه وأمته بالكلمة والفكر وهذا أكبر سلاح عندما نبني العقل بالفكر وتعزز اللغة العربية ومقاومة التفتيت والغزو الفكري لأطفالنا.‏‏

ويضيف السيد الحسن قائلاً: لقد امتاز القاصون الجولانيون عن غيرهم من كتاب القصة في سورية بمعايشة الواقع في الجولان قبل الاحتلال ومعاناة النزوح والتشرد والحنين إلى الوطن بعد الاحتلال فالجولان عندهم بلد لا يؤثرون عليه أبداً، هو عشهم الذي فيه درجوا ومنه خرجوا، مجمع أسرتهم ومقطع سرتهم بلداً أنشأتهم تربته وغذاهم هواه ورباهم نسميه وهذا ما نلحظه في كتابات الأستاذ علي مزعل وحسن حميد وعصام وجوخ وعمر بكر وبعض القاصين الشباب الذين كتبوا القصة مما سمعوا من أجدادهم وآبائهم/ أذكر منهم نادر الفاعوري/.‏‏

ونرى ذلك في كتاباتهم والأمل بالعودة وخاصة مع الواقع الذي عايشوه مع أسرتهم بعد النزوح والعيش في المخيمات.‏‏

وهذا ما نجده في قصص علي المزعل حيث الانفجار بالروح النضالية لتصبح حالة وطنية وقومية ضاغطة على الوجدان العام مثلما عبر عنها أبطاله الذين دافعوا عن وطنهم وضحوا في سبيل انتصاره وفي مجموعته/ندى الحصاد يتحدث عن القيم الوطنية والقومية ويفلح في كثير منها في صوغ ملموسيتها الواقعية نحو استنطاق الوجدان أشرف المعاني.‏‏

ونرى في قصة (عودة أم خالد) إلى حال البطولة والمقاومة في الجولان من بابها العريض الصمود والفداء من أجل الوطن.‏‏

أقول: استطاع الأديب علي المزعل نبش ذاكرة القارئ واستحضار الواقع التاريخي للجولان، وتأكيد عنصر المقاومة سبيلاً للعودة وللتشبث بالأرض وعبر عن ذلك في اختياره الأنيق وألفاظه الجياشة بالعواطف.‏‏

ومن الأدباء الذين كتبوا القصة الكاتب محمد وليد الحافظ الذي شهد حرب تشرين التحريرية وفي مشاركته ومشاهداته وتصوراته استطاع أن يبدع مجموعة نصوص سماها(المدفع الخامس) وهي إحدى المجموعات القصصية التي تتحدث بصدق عن الحرب وهي مجموعة نصوص على درجة عالية من النضج والاكتمال من إصدار اتحاد الكتاب العرب عام 1989 تضمنت أغاني وقصصاً.‏‏

وأشار الحسن إلى أن هناك بعض القاصين الجولانيين الذين كتبوا قصصاً عن الجولان والأمل بالعودة والحنين للأرض كقصة الأديب فيصل مفلح في قصته الناجي التي يتحدث فيها عن تمسك الفلاح الجولاني بأرضه ويحدد الكاتب بستان الزيتون الخاص بالفلاح الناجي، لقد زرع الناجي بستان الزيتون الشهير باسمه منذ خمسة وخمسين عاماً وكانت الأرض منحدراً وعراً تسيل عن يمينه مياه عين التينة وعن يساره مياه عين السدرة أمضى سنوات يقتلع الصخور ويسوي الأرض.‏‏

كان الناجي يتمنى أن يدفن في بستانه في قريته سكوفية ولكنه يدفن في مقبرة المخيم شرقي دمشق في قبر من تلك القبور التي لاشواهد لها.‏‏

والقاص نادر فاعوري ابن قرية كفر حارب كتب قصته الرائعة(صهيل فوق بيادر مهجورة) التي تتحدث عن التشبث بالأرض وصمود والدته رغم البعد عن الديار والعودة بالفرس الأصيل التي رباها دون خوف.‏‏

ومن القاصين السوريين الذين كتبوا عن الجولان الأديب الدكتور المرحوم عبد السلام العجيلي في قصته كفن حمود والقاص فارس زرزور في شجرة البطم وقدكتبت هذه القصص أثناء خدمة العلم, وقصة تل الفرس للأديبة ناديا خوست‏‏

مزايا‏‏

وأخيراً نجمل مزايا هذه القصص بمايلي:‏‏

- السعي للإحاطة بموضوع واحد هو مقاومة المحتلين الصهاينة ومفهوم المقاومة في الجولان إلى الأراضي العربية المحتلة في فلسطين.‏‏

- احتضان التعبير القصصي المقاوم لنماذج بطولية في حالات نضالية ضمن شرطها التاريخي.‏‏

- الإيمان العميق بالنصر على الأداء رغم إرهابه.‏‏

- عناية السرد بمكونات الضمير القومي والوطني مثل عدالة القضية ومشروعية المقاومة.‏‏

- حرص واضح على انتظام القيم الوطنية والقومية في سيرورة المنظور السردي.‏‏

أخيراً نقول:‏‏

إن كتاب القصة عندنا كثر وقد أبدعوا في كتاباتهم عن حب الوطن والأرض والتعلق بهما، لأن الوطن يعني العزة والكرامة والكبرياء، فأي إنسان بلا وطن لا يعني أنه إنسان، والوطن يعني الأرض وكيف يجبل ترابها بدماء الشهداء المدافعين عنها وعن عزة الوطن... هكذا هم كتاب القصة الجولانيون ومعهم الكتاب السوريون جميعاً..حب للوطن وتعلق بالأرض التي تنبت الخير الذي يعني الحياة.‏‏

asmaeel001@yahoo.com ‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية