|
شؤون سياسية لكن نظرية المؤامرة منتشرة في الثقافة السياسية الغربية ، وخصوصاً الولايات المتحدة حيث لا تمر سنة من دون صدور كتاب عن مؤامرة اغتيال جون كنيدي ، ونظريات المؤامرة عن أحداث 11 أيلول ، تملأ رفوف المكتبات ومواقع الأنترنت في أوروبا وأميركا (ويتردد صداها في بعض الدول العربية أيضاً ) ومن هنا ضرورة التمييز بين نظريات مؤامرة باطلة لا دليل أو اثباتات لدعمها ، وبين مؤامرات واضحة في علائمها ومساراتها وخططها. ومن الضروري أن نعود اليوم أكثر من أي يوم آخر إلى نظرية المؤامرة لتفسير ما يجري في طول عالمنا العربي وعرضه . وخاصة في عهد الاستعمار . وأخطرها ما حدث في اتفاقية سايكس - بيكو عام 1916 التي قسمت الوطن العربي إلى أجزاء ودول متفرقة ، ووعد بلفور الذي أعطي للكيان الصهيوني الحق في قيام دولة صهيونية في قلب العالم العربي وما يجري الآن في العراق وفلسطين وسورية هو تكملة لسيناريو التفتيت الذي بدأ في عام 1916 ، لكنه بصورة جديدة وقناع مختلف وسيناريو جديد : الشرق الأوسط الجديد ،والذي سيضم العرب والكيان الصهيوني وباكستان وأفغانستان وتركيا وايران . وهذا الشرق هو امتداد للمشروع الصهيوني الذي طرحه شيمون بيريز الرئيس الحالي للكيان الصهيوني .وبموجب هذا المشروع سوف يتم الغاء جامعة الدول العربية ودمج الكيان الصهيوني في المنطقة . والهدف ليس الديمقراطية أو الحرية أو وحدة المسلمين ، بل الهدف هو الغاء الأمة الإسلامية وتدمير جسور التواصل بينها وبين حضارتها وثقافتها ولغتها وعقيدتها الدينية، وادماج فيروس الصهيونية في قلبها ليمارس مخططاته السرطانية في داخلها بحرية تامة ، والزامها بتغريب شعوبها بطرق مختلفة . وهذا واضح تماماً في موضوع تغيير المناهج والهجوم على الخطاب الديني والثقافة الإسلامية والموروث الحضاري والترويج لثقافة الفتنة والبرامج الجنسية الهابطة وغير الأخلاقية عبر قنوات إعلامية أجنبية معربة وغير معربة وعربية مدعومة وتجنيد بعض الأقلام والأبواق ووسائل الإعلام المختلفة لدعم هذه السياسة والتبشير بها .قد يقول البعض، إننا نبالغ في تفسير ما يجري في المنطقة بلغة المؤامرة ، و إن موضوع المؤامرة لا يكفي لتفسير كل شيء، وقد ينكر البعض أصلاً شيئاً اسمه نظرية المؤامرة . وهنا لن نطلب ممن يشكك، إلا أن يقرأ اعترافات الغرب نفسه بهذه النظرية ، وأنه فعلاً تآمر علينا ، وهاكم بعض الأمثلة : الاعتراف الأول ،وجاء على لسان جورج بوش عندما قال في أحد خطاباته ...إن الولايات المتحدة ظلت ستة عقود تدعم وتتحمل الأنظمة الاستبدادية لأن مصالحها الحيوية كانت تقتضي ذلك . والاعتراف الثاني جاء في مقال الكاتب البريطاني روبرت فيسك عندما قال في صحيفة الاندبندنت البريطانية : نحن الغرب الذين صنعنا أغلب الحكام الطغاة في الشرق الأوسط لأننا لا نريد أبداً أن تكون الدول العربية ديمقراطية ، فنحن لا نريد في هذه المنطقة سوى جنرالات وحكام بملابس عسكرية بريطانية أو أميركية . إننا كغرب لم نرد يوماً للدول العربية أن تكون ديمقراطية . وعندما حاول المصريون في الثلاثينات من القرن الماضي اقامة ديمقراطية تدخل البريطانيون ووضعوا المعارضين لهم في السجون . نحن الغربيين رسمنا حدود أغلب الدول العربية ووضعنا أغلب حكامها الطغاة ودفعنا لهم الأموال وزودناهم بالأسلحة وتركناهم يحكمون شعوبهم بالحديد والنار ... والاعتراف الثالث ما تحدث عنه عميل السي آي ايه روبرت بير ، عندما قال : وقفنا مع «إسرائيل» والديكتاتوريين والحكام الفاسدين وعززنا الفساد . قتلنا المسلمين وأغمضنا عيوننا عن قانا ولم نر الحقد في أفغانستان . وقفنا مع «إسرائيل» في غزوها لبيروت ومجازرها والحرب في العراق . كل ذلك لأن المسلمين ليس لديهم إف 16 ولا القاذفات للقنابل بي 1 . فهل ننتبه إلى ما يجري من مؤامرات في المنطقة قبل فوات الأوان ؟! |
|