تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أدبـاء الانترنت.. نجـــــوم الأدب الجـــــدد... بيــــن النصــوص الجيــــدة والبطــــولات الوهميــــة

ثقافـــــــة
الجمعة 13-5-2011
سوسن رمضان

يقول شاعرنا الكبير نزار قباني: «إن لم تستطع أن تكون مدهشاً فإياك أن تتحرش بورق الكتابة».

إن المغريات التي فتحها عالم الانترنت للجيل الجديد كانت بوابة واسعة مترامية للوصول إلى مساحة من التعبير غير مسبوقة في التاريخ وبسرعة خيالية.‏

إن موجة أدب الانترنت والكتب الرقمية تحمل منعكسات العصر ولابد من التعامل معها، فلكل مرحلة من حياتنا أسلوب أدبي يحمل مناخ العصر الجديد على أن لا تتغير الأصول الأساسية للأدب أو الوزن الشعري أو قواعد جودة الأدب.‏

إن ما يكتب على الشاشة الزرقاء ليس كله خواطر ووجدانيات وأفكار مراهقين بل بينهم أسماء لها فكر وإيقاع جديد وتضم مواهب جديدة وجدوا في شبكة الانترنت فرصة لكي يبدعوا ويقدموا مالديهم بسرعة وبأكبر قدر من الانتشار.‏

لاشك أننا نتفاءل بالأدباء الجدد الشباب الذين يريدون أن يعبروا عن واقعهم ومستقبلهم وخصوصية مرحلتهم ولهم الحق في ذلك.‏

وفي نتاجهم إبداعات جديرة بالقراءة وقصائد حية وساخرة وجريئة بما لا يمكنهم نشرها في أماكن أخرى.‏

كما أن شكل العلاقة التقليدية بين الشاعر وجمهوره قد تغير ولكن هناك آراء ووجهات نظر أخرى ترى أنه يجب أن يكون الشاعر على الانترنت شاعراً له كتب رقمية وإنتاج ورقي وأسلوب شعري عرف به، أي من لا وجود له في ساحة الشعر لا وجود له في ساحة الانترنت، ولا نعتقد أن الشعراء الكبار العرب والعالميين ممن حفظنا قصائدهم وتحولت لأيقونات وميداليات أمثال نزار قباني ومحمود درويش تعمدوا أو لهثوا وراء أن ينطبعوا في ذاكرتنا، حتى قصائد المتنبي لم يكن يستطيع تخليدها لولا أنها خلدت نفسها.‏

إن ما يحصل للأسماء الجديدة لكتاب من ذوي النتاج الجيد وممن ينشرون نصوصهم عبر الانترنت هو ضياع أسمائهم في زحمة المشاركات والتي بعضها لا علاقة له بالإبداع ولكن أصحابه يتطفلون على المواقع الالكترونية ويصدرون نصوصاً تشذ عن قواعد اللغة يشجعهم بعض الهواة الذين يطلقون على كتاباتهم استحسانات وآراء تخلو من الموضوعية والمعرفة الحقيقية بالنقد الأدبي.‏

والمشكلة أن المشرفين على المواقع الأدبية أحياناً يصمتون أمام أخطاء النحو والصرف والتراكيب وأحياناً يتجاهلون أو لا يلتفتون للجودة والإبداع الحقيقي ولا يردون بإيجابية تشجع الكاتب لتطوير الجودة.‏

إن الانترنت (ميديا) ناقلة تحمل الجميل والرفيع والراقي كما تحمل الفوضى والخواطر والكلام الذي لا يسمى شعراً (أو أدباً) نجد في بعض المواقع ما يضحك فعلاً وهو يقارن بين شاعر لا يعرفه أحد وبين محمود درويش أو نجد نقاشاً مطولاً لأديب مظلوم سرقت منه نصوصه ورغم أننا ضد السرقة لكننا ضد صناعة البطولات الوهمية لمدّعي الموهبة.‏

هناك مواقع لكتّاب معروفين سبق لهم النشر الورقي تصدر أعمالاً محترمة لها وزنها لأن مؤسسيها هم كتاب مثقفون ولديهم حس ذوقي رفيع.‏

إن أسباب ظهور هذا الأدب (الرقمي) وأيضاً أسباب نجاحه أحياناً يعود للإفلات من رصانة وتوقعات نقاد الأدب، فهم يدونون بعفوية وفضاء مفتوح فقدموا للشاشة الزرقاء اللقطة الفوتوغرافية التي رغم سكونها ظاهرياً لكنها مشحونة بالمعاني وكذلك بالمونولوج الداخلي.‏

وأحد أسباب الانتشار أيضاً: إمكان إخفاء أسماء كتّابها ليمارسوا جنون الكتابة كما يريدون ومن أسباب نجاحها أنها مست نسبة كبيرة من الشباب وجدوا أنفسهم ليس فقط كونها عبرت عما يريدون إنما بالنتيجة ستؤدي لقدر من التحول النوعي في هذا الجيل.‏

ونضيف لعدة الأسباب التي ذكرت صعوبة إصدار الكتب الورقية ولكن ما يبدو أن أهمية التوافق بين عالم الافتراض وعالم الواقع في هذه المرحلة لصالح وتقدم العملية الإبداعية للكشف عن الأدب الجاد الذي يختبئ في طيات العالم الالكتروني وإضافته إلى الحياة الثقافية من خلال مؤسسات التربية والتعليم ومساهمات دور النشر المساندة للإبداع ووضع خطط منظمة تناسب المهارات المطلوبة لتعميق تجربة الأدب الرقمي لخلق حالة أكثر احترافية ومنهجية من الأدباء الحاليين في الانترنت لأنه من المؤكد أن هناك أعمالاً مهمة وراقية لم تكتشف على شبكة الانترنت.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية