|
ثقافـــــــة منذ ذلك التاريخ وهذا الوطن المعطاء يقدّم لنا نماذج ليست بغريبة عن أبناء هذا الوطن الخيّر.. أبناء سورية الذين رضعوا من عرين الأسود معنى العزّة والكرامة.. الذين رسموا على جباههم وفي قلوبهم خريطة الوطن وأقسموا على تقديم أرواحهم قرابين رخيصة في سبيل منعته وعزّته. لم تكن أم يوسف تلك العجوز السبعينية التي انطلقت عبر رصيف الكورنيش البحري وهي تحمل معها صورة قائد الوطن تضمها إلى صدرها دون أن تبالي بما يجري حولها. أم يوسف تلك وببساطة ودون أن تتلقى تعليمها في مدرسة ودون أن تضمها منظمة معينة، ودون أن تنطوي تحت حزب ما أو هيئة حكومية أو غير حكومية عبّرت عمّا تختزنه في قلبها من عاطفة صادقة وعن حب لهذا الوطن ولقائد هذا الوطن. أم يوسف التي تحدّثت للملأ بصوتها الواثق وهي تسير، كانت كلماتها منهاج عمل ودليل إخلاص دون أن تعرف الكمبيوتر أو الفيس بوك أو الانترنت. كانت ملقحة ضد فيروساتهم اللعينة وضد حملاتهم الخبيثة: « الله يرحم أبوك اللي ربّاك.. الله ينصر سورية وقائد سورية..الله يجعلك شوكة بعيون كل اللي يعاديك.. شباب كونوا ايد وحدة..شباب لاتوقعوا بالفخ...» هذه الكلمات التي تابعناها جميعاً عبر شاشات محطاتنا والتي أصبحت شارة مميزة تبدأ بها تلك المحطات برامجها لم تأت من فراغ، بل جاءت في إطار الانتماء الفطري لهذا الوطن. لم تمض أيام على كلمات أم يوسف حتى أطلّت على شاشة الإخبارية السورية صورة الطفلة الصغيرة ( تالا مهند سليمان) وهي لم تتعلم بعد نطق الحروف لتعلن للملأ أنها سورية بامتياز.. وأنها لا ترتضي بديلاً عن سيد الوطن الدكتور بشار الأسد: « كلمة وحدة ما بتتغير للعالم قلناها والله منحبك بشار غناني غنيناها..طوائف سورية كلاّ بصرخة وحدة وحّدناها.. بدّي كل العالم يسمع طائفتي أنا سوري..خلوا كل الدنيا تشوف هالحب الأسطوري..خلونا نهتف ونعلي نحنا الشعب السوري مامنتنازل ما منتخاذل.. والحب بداخلنا عم يصرخ قدام الكل مابغيّر دكتوري» تالا التي أعلنت ببراءة الصغار وبعزيمة الكبار أن المشاريع اللعينة لن تمر من هذا الوطن وأن سورية ستبقى شامخة ورافعة الرأس في وجه كل الذين أعمتهم الضلالة وأصمتهم الأحقاد. هذه الطفلة التي نطقت باسم الأطفال في هذا الوطن أعلنت أن طائفتها التي تنتمي إليها وتفتخر بها ولا ترتضي بديلاً عنها هي سورية. عندما تهب رياح الشتاء يستيقظ السنديان يعطي للرياح أوراقه الصفراء ويتمسك بالتراب.. ويرفض السقوط تتمايل أزهار النرجس والياسمين لكنها لا تنحني ولا يستطيع الشتاء اقتلاعها. أيتها الطفولة البريئة، ويا سنديانات هذا الوطن الغالي سيمضي الشتاء مهرولاً إلى مخدعه.. ستشرق الشمس من جديد.. سيغني الحسّون ويعزف الراعي على شبّابته..سيأتينا الربيع حاملاً معه سلالاً من الأزهار..سيفتح المستقبل ذراعيه لأطفالنا.. سيقف التاريخ أمام منزل أم يوسف ليقول: أنا التاريخ..انحني أمام عظمة الشيوخ.. وبراءة الأطفال!! |
|