تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الوحدة الفلسطينية تؤرق حكومتنا

هآرتس
ترجمة
الأحد 15-5-2011م
ترجمة: ليندا سكوتي

كمثل أب فقد ولده، أخذ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يجوب شتى أنحاء العالم عله يحظى بتعاطف عما ألم به ، من حيف جراء ما أقدم عليه الرئيس الفلسطيني محمود عباس،

لكن بيبي في واقعه لم يشعر بالألم والأسى إزاء هذا الفقد بل أخذ منه الغضب مكانه من شريك كان يعتقد باستمرار عدم وجود الجرأة لديه في الإقدام على خيانته وكان يعتبره الرجل الضعيف الوحيد الذي يمن عليه بالفضل والإحسان.‏

لا شك بأنه قد عرف عن عباس سلاسة الانقياد وضعف الإرادة، وإن أحاديثه تتسم بالرقة المشوبة بالتردد على عكس شريكه الذي اتخذ من التعنت صفة ونهجا له في الحياة. وبذلك استمر اللقاء بين الأمير والفقير باعتبارهما شريكين دون وجود ما يشتركان به سوى علاقات واهية موثقة بأسلاك علاها الصدأ جراء طول أمد المفاوضات التي أصبح الجميع على ثقة تامة بعدم وجود طائل منها وثبوت عجزها وعدم فعاليتها خلافا لما كان يعتقد من أنها ستستمر على هذا النهج إلى الأبد.‏

فجأة، ودون سابق إنذار يخل عباس بكل ما اتفق عليه مع نتنياهو، ويقدم على توقيع اتفاق مع حماس، الأمر الذي جعل من نتنياهو منبوذا دون شريك مما أودى به إلى تصرف انفعالي جعله يعلن إغلاق الحسابات المشتركة مع السلطة الفلسطينية، ومنع تحويل الأموال إليها، ويهدد ويتوعد بضم المزيد من أراضي الفلسطينيين، ويهرع إلى دول العالم ليعبر عن استيائه من شريك خانه وجحود فضله منبها من أن ثمة تهديداً حقيقياً تتعرض له إسرائيل ومعلنا عدم إمكانية إجراء أي محادثات مع مجموعات ناصرت بن لادن.‏

إن بيبي في واقع الأمر لا يخشى من توحد الفلسطينيين أو اندماجهم، أو من رئيس للوزارة لديهم يتعاون معه أم لا، أو من رغبة الشعب الفلسطيني بحصول اتفاق بين فتح وحماس أو عدمه ولم نجده يكترث لمشاهدة اللافتات المكتوب عليها باللون الأحمر بأن الشعب الفلسطيني واحد والتي انتشرت في رام الله وغزة لأن لديه مشاعر مترسخة في ذاته بأن كل ما يجري على الساحة الفلسطينية أو العربية لن يكون إلا ضد إسرائيل. لذلك يرى بهذا الاتفاق ما يتناقض مع المصلحة الإسرائيلية. لكن من دواعي الاستغراب أن نرى هذا الزعيم الذي يدعي بعدم معارضته لحصول التقارب بين الفلسطينيين قد أخذ يعد العدة ويضع الشروط التي تقضي إلى عدم الإقدام على التفاوض مع الفلسطينيين معطيا نفسه نوعا من الراحة لأنه حسب اعتقاده أن هذا الاندماج لن يكون سوى عملية مؤقتة خالية من المضمون.‏

لا ريب بأن المصالحة بين الفلسطينيين قد أثارت في نفوسنا الغيظ والغضب لأننا أدمنا على وجود الانقسام الذي يسود المجتمع الفلسطيني والذي أصبح أساسا في السياسية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، ولأن هذا الشرخ والانقسام كان يشكل ضمانة لإسرائيل في حال ذهاب عباس إلى الأمم المتحدة لطلب الاعتراف بدولة فلسطينية. وقد كانت إسرائيل تعتبر أمر غزة ورقة يمكنها اللعب بها إذ بإمكانها القول بأن عباس لا يمثل كافة الفلسطينيين وليس له من سيطرة على حماس التي تخوض حربا على إسرائيل، لكن ما يدعو للاستغراب أن تلك المقولة ذاتها قد سبق لحماس أن توجهت بها إلى عباس عندما كان يجري مفاوضاته العقيمة مع إسرائيل.‏

لقد ارتكبت إسرائيل خطأ جسيما عندما اعتقدت بأن الشعب الفلسطيني لن يتفق أبدا. وأن عملية السلام مؤجلة وإن استؤنفت فإنها ستقتصر على مناطق محددة في الضفة الغربية ويجري مناقشتها بين كل من المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين الذي أصبح دورهم في المفاوضات دور راسم الخرائط وليس بقادة للشعوب. أما غزة فقد نأت بنفسها عن تلك اللعبة واستمرت في المعارضة التي تهدف منها إلى عرقلة الحوار القائم بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.‏

لقد أقدم عباس ومشعل إلى إنهاء الخلاف القائم بينهما وأعلنا عن رغبتهما في إجراء حوار حول مستقبل الشعب الفلسطيني في بلده وأبديا رغبتهما في الحصول على اعتراف دولي من الأمم المتحدة بدولتهم وأفصحا عن عدم رغبتهما الدخول في محادثات يكون بها منظمة تتفاوض مع دولة، بل يرغبان بإجرائها بشكل ندي بحيث تقوم بها دولة مع دولة. أما بيبي فيبدو انه يرفض القبول بتلك الفكرة، لكنه لو أن ياسر عرفات مازال على قيد الحياة لقال له: من لا يعجبه فليشرب من مياه البحر الميت.‏

 بقلم تسفي بارئيل‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية