تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نتنياهو لا يعدنا... إلا بالخراب

هآرتس
ترجمة
الأحد 15-5-2011م
ترجمة : ريما الرفاعي

يبدو أن الذكرى الثالثة والستين لقيام إسرائيل ستكون المرة الأخيرة التي تمر عليها وهي بلا حدود . وخلال أربعة أشهر من المتوقع أن تعلن الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول المقبل الحدود الشرقية لإسرائيل وأن تعترف بالقدس عاصمة لها.

ما أقوله ليس خطأً مطبعياً، ذلك أن الشق الثاني من هذه العملية هو الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967،أي الاعتراف الدولي بخطوط وقف إطلاق النار لسنة 1949 (اتفاقات رودوس) . والاعتراف بشرقي القدس على أنه عاصمة لدولة فلسطين ، وهو ما يشكل ضمناً اعترافاً بأن غربي القدس هو عاصمة لإسرائيل.‏

وإذا كانت الحرب استمراراً للسياسة بوسائل أخرى ، كما قال كارل فون لاوزفيتش، فسوف يكون ذلك أفضل ترجمة لإنجاز إسرائيل عام 48 إلى نصر في الساحة السياسية . وإذا كانت احتلالات حزيران 1967 ترمي إلى إحراز اعتراف عربي بخطوط الرابع من حزيران ، لا إلى السيطرة على أراضي الضفة والقطاع من أجل إنشاء مستوطنات أو الحصول على القدس فإن التصويت المرتقب في الأمم المتحدة في أيلول المقبل هو النصر السياسي الخاص بالنصر العسكري في حرب 1967.‏

وقد ورد في إعلان الخامس من أيار (العبري) 1948 : «نحن نمد يداً للسلام والجوار إلى جميع الدول المجاورة وشعوبها ، وندعوهم إلى التعاون والمساعدة المتبادلة» وفي الخامس من أيار (العبري) 2011 ، لدينا أكثر من مئة دولة ومن ضمنها جميع الدول العربية ومعظم الدول الإسلامية بأيديها الممدودة ، وجيراننا الفلسطينيين الذين يرغبون في السلام والجوار الطيب ضمن حدود 1967 .وتقبل الجامعة العربية ومنظمة الدول الإسلامية مقابل ذلك علاقات جوار طبيعية مع إسرائيل.‏

إن اعتراف الأمم المتحدة بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967 سيكون تأييداً دولياً من الطراز الرفيع لقرار منظمة التحرير الفلسطينية لسنة 1988 إعلان الدولة الفلسطينية. وتأتي المبادرة هذه المرة من جانب الفلسطينيين وتحظى بتأييد حماسي من الدول العربية .‏

وفي إسرائيل قال الرئيس شمعون بيريز منذ وقت قريب في حديث خاص إن بن غوريون كان سيرقص لو سمع خبر أن الأمم المتحدة توشك أن تجعل الخط الأخضر حداً دولياً ، وتلغي قرار تدويل القدس وتمهد الطريق للاعتراف بالمدينة التي يقع فيها الكنيست ومنزل الرئيس وديوان رئيس الحكومة ، بأنها عاصمة لإسرائيل .‏

إن إسرائيل للأسف الشديد لا يقودها اليوم زعيم حقيقي، بل يقودها نتنياهو الذي يحترف الكلام ، ولا يعدنا سوى بالخراب ، ويضيع كل الفرص الجادة للوصول إلى سلام مع جيراننا . وبدل النظر إلى عرض الاعتراف بالخط الأخضر على أنه خطوة ضخمة لاستكمال الرؤيا الصهيونية ، يصر رئيس الحكومة على جعل الاعتراف بدولة فلسطينية يوماً أسود لإسرائيل. وبدل اعتبار يوم الإعلان عن الدولة الفلسطينية الموعودة يوم نصر لإسرائيل ، يبدو مصمماً على جر إسرائيل إلى خسارة جديدة . ومن حسن الحظ أن الفلسطينيين يقودهم الرئيس محمود عباس الذي يقف بصلابة إزاء المتطرفين الإسلاميين والقوميين ومن لا رأي لهم . فهو فضلاً عن تجنيده تأييداً دولياً واسعاً لإمكانية إعلان الدولة الفلسطينية في أيلول المقبل ،يعرض على إسرائيل أن تتمتع أيضاً بجزء لا يستهان به من ثمار حرب حزيران بأن يتم الاعتراف بها أيضاً ضمن الحدود التي كانت قائمة قبل هذه الحرب.‏

وجاء في وثيقة داخلية كتبت في مقر المقاطعة برام الله ، تمهيداً لتقديم الاقتراح إلى الأمم المتحدة ، أنه لا ينبغي رؤية اعتراف المنظمة الدولية بدولة فلسطينية ورسم خط الحدود ، بديلاً عن التفاوض السياسي مع إسرائيل بل حافزاً إلى تجديده . إن الاعتراف الدولي بفلسطين السيادية ، كما ورد في الوثيقة ، سوف يمكن الدولة الجديدة من اجراء حوار مع إسرائيل باعتبارها مساوية لها ، في جميع القضايا الجوهرية . والموضوع الأول الوارد هنا تبادل الأراضي ثم نظام الحدود والمياه والأمن وفي النهاية حل مشكلة اللاجئين.‏

لم يسقط ضحايا معارك إسرائيل في الحروب من اجل توسيع إسرائيل، فقد أرسلوا إلى المعركة من أجل وجود إسرائيل في حدود آمنة ومعترف بها إقليمياً ودولياً .وبموتهم أوصونا بالسلام لا بضم سكان آخرين أو سلب أراضيهم . لم يبق سوى أن نأمل أن نحظى في الذكرى المقبلة لقيام إسرائيل بفرصة كي نصبح دولة مثل جميع الدول ، دولة ذات حدود محررة من عبء الاحتلال وتعيش بسلام مع جيرانها‏

بقلم : عكيفا الدار‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية