|
فضائيات
ومصرّة أيضاً على تذكيرنا بطفولتنا عندما كنا نلعب على بيادر القرية، وننقسم فريقين، وكيف يصر الفريق المهزوم على اللعب أشواطاً إضافية ليرد اعتباره، لكن دون جدوى فالهزيمة له دائماً بالمرصاد، وينهزم في كل مرة ولا يخجل فقد تماهى وذلك الخجل حتى أصبحا صنوان. وهكذا حال تلك الفضائيات، فمع أنها فقدت مصداقيتها، وحصلت على أعلى الشهادات ليس بالكذب وحده، وإنما بالبهتان وارتكاب الكبائر، وتلقت كثيراً من اللوم وحتى الشتائم أحياناً و«نأسف لذلك»، لكنها لا تعير اهتماماً لهذا، لتؤكد لنا أن من وقع بالوحل واتسخت ثيابه، لا ضير إذا حمل الأكياس الملوثة والأدوات المتسخة، وتبنى المواقف المتخاذلة، فثيابه وأفكاره ونفسيته ملوثة أصلاً، ولا بأس في المزيد من الدرن حسب تفكيره. بالطبع سئمنا الكلام الذي يقال عن التحريض والتشويه والفبركة، وما هنالك من مصطلحات عرفناها في أزمتنا هذه، لأن بعض الجهات باتت ترى الأمر بعين عوراء، ولا تريد ما يحصل فعلاً على أرض الواقع وأن وطننا يتعرض لمؤامرة كبرى محبكة وممولة بالكراهية والمال والحقد الأعمى، لأنها تكره الحقيقة، ومن يكره الحقيقة يكره ذاته أولاً، ولا عتب عليه، فالعتب لا يحق إلا على العقلاء والمتنورين، فهؤلاء تستطيع محاججتهم وإقناعهم والتأثير فيهم والتأثر بهم، أما من يكرهون الحقيقة فقد ملأت الأحقاد قلوبهم وعقولهم وينظرون إلى الأمر من زاوية أضيق حتى من مساحة الآدمية التي يتصفون بها فقط صفة، والواقع أبعد عن ذلك بكثير. سبب القول هو افتقار القنوات الفضائية التي باتت معروفة بأحقادها على سورية، ونأسف أيضاً لوضع أسمائها على صفحات صحفنا، كالجزيرة والعربية والبي بي سي وفرنسا 24، وغيرها، افتقارها للمادة الإعلامية طوال الأسبوع، ما يضطرها لتصنيع الخبر وليس نقل الخبر والعودة دائماً في نشراتها إلى ما يتوفر لديها في الأرشيف من تقارير، أصلاً هي من ابتدعها وألّفها معتمدة في ذلك على شهود الزور والسوبرمانات الذين كانوا يتنقلون في الدقيقة الواحدة على بساط الريح للإدلاء بشهاداتهم التي لم يروا منها إلا الهاتف النقال الذي يحملونه والتلفاز الذي يكلمون عصاباتهم عبره. وهذه القنوات لم تفتقر للمعلومة فقط، بل باتت تحارب من أجل الفكرة التي تريد ترسيخها، لكن دون جدوى، فالقنوات الوطنية لها بالمرصاد من أجل تكذيبها وبالتالي التصدي لها من أجل هزيمتها ونشر الحقيقة، وأصبحت مضطرة للذهاب إلى المكان الذي تشير إليه تلك القنوات المغرضة، لتنقل للمشاهد حقيقة ما يجري في المكان الذي ادعت فضائيات الفتنة والتحريض تواجد الناس فيه وقالت إن عدد الناس فيه كبير. وفي هذا السياق ومع أن القنوات الوطنية لم تدخر جهداً في تغطية الأحداث، ونشر الحقائق، لكن حبذا، ولاسيما مع استمرار الفضائيات المأجورة بالتضليل، أن تزيد قنواتنا عدد مراسليها، خاصة في المدن والساحات التي باتت تلك الفضائيات ترى ان صيدها فيها، لنقول لها إن تلك المدن والمناطق والساحات باتت للاصطياد في الماء العكر، فإن كنتم تهوون ذلك فتلك مشكلتكم..! |
|