تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التضليل.. لغة لنشر «الحرية»!!

موقع VOLTAIRENET
ترجمة
الأثنين 16-5-2011م
ترجمة دلال إبراهيم

ورب محتج بسيط يقول : أليس الانترنت هو تعبير عن التلقائية الفردية؟ في الواقع يعترف دوغلاس بال المستشار لدى ريغان وبوش الابن في أن الانترنت حالياً « تقوده منظمات غير حكومية متفرعة عن وزارة التجارة الأميركية» فهل هي مسألة تجارية فقط ؟

أشارت صحيفة صينية لموضوع أطبق النسيان عليه ، وذلك حين لم يوافقوا على طلب تقدمت به الصين عام 1992 للمرة الأولى بهدف ربطها بشبكة الانترنت وذلك تحت ذريعة حصول تلك الدولة الآسيوية العملاقة على معلومات خاصة بدول الغرب . وحالياً تطالب هيلاري كلينتون ( بالحرية المطلقة ) للانترنت كقيمة عالمية لا يمكننا إنكارها والتخلي عنها – وتعلق نفس الصحيفة الصينية « الغرور الأميركي لم يتبدل » .‏

وفي هذا الصدد طالبت صحيفة ديزيت الألمانية توضيحاً من جيمس بامفورد أحد كبار الخبراء في موضوع الاستخبارات السرية الأميركية : «يخشى الصينيون أيضاً أن تكون شركات أميركية مثل غوغل أدوات للاستخبارات الأميركية فوق الأراضي الصينية .» ويجيب الخبير بأن « هناك منظمات ومؤسسات أجنبية تسللت أيضاً عبرالاستخبارات الأميركية ، وهي في جميع الأحوال قادرة على الدخول على المكالمات الهاتفية في جميع أنحاء الكرة الأرضية . وتعتبر تلك أكبر القراصنة في الكون . ويؤكد صحفيان اثنان في ديزيت على حقيقة لا تدع مجالاً للشك وهي : « إن مجموعات شبكة الانترنت الكبرى غدت أداة جيوسياسية للولايات المتحدة . وقبل ذلك كنا بحاجة إلى عمليات سرية شاقة لدعم حركات سياسية تقع في بلدان بعيدة . والآن يكفي في معظم الأحيان تقنيات اتصال تعمل انطلاقاً من دول الغرب. وأصبحت وكالات التكنولوجيا السرية الأميركية ووكالة الأمن القومي جاهزة لتشكيل منظمة حديثة كلياً لقيادة حروب على الانترنت .»‏

وفي ضوء ذلك لا بد لنا من أن نعيد قراءة بعض الأحداث الأخيرة التي حصلت في تموز من عام 2009 حيث شهدت في حينها مدينة اورومشي في مقاطعة شينغيانغ في الصين أحداثاً دموية ، ويسكن تلك المقاطعة أغلبية من الأيغور . فهل كان التمييز والاضطهاد ضد الأقليات هو الذي يفسر وقوع هذه الأحداث ؟ إن تفسير الأحداث من خلال تلك المقاربة لا تبدو معقولة ، وهذا ما شهد به مراسل صحيفة الستامبا الإيطالية الذي يقول « اشتكى العديد من جماعة الهانز من الامتيازات التي يتمتع بها الأيغور . وهؤلاء بصفتهم أقلية وطنية مسلمة تتمتع بشروط عمل وحياة أفضل من الهانز ، حيث يحق لمواطن من الأيغور المسلم مغادرة عمله بضعة مرات في اليوم لأداء صلاته هذا بالإضافة إلى عطلته يوم الجمعة مع يوم الأحد ، كما يستثنى الأيغور من نظام الطفل الوحيد الذي تفرضه السلطات الصينية على مواطنيها . علاوة على أجورهم المرتفعة لأنهم وبصفتهم مسلمين مضطرين حسب الشرع الإسلامي إلى تناول لحم الضأن الأغلى سعراً.»‏

وتنبري الاتهامات الغربية من جانب واحد تقول: إن الحكومة الصينية تريد طمس الهوية الوطنية والدينية لجماعة الأيغور . فما الذي حدث ؟‏

لنتأمل دينامية الأحداث . سرت شائعة في إحدى المدن الساحلية في الصين ، حيث يعمل فيها منذ القدم جماعة الهانز والأيغور جنباً إلى جنب رغم الاختلافات التقليدية الدينية والثقافية تقول: إن فتاة من الهانز جرى الاعتداء عليها من قبل عمال أيغور ، وجرت أحداث في إثر ذلك راح ضحيتها اثنان من الآيغور ، وثبت زيف هذه الشائعة. وسرت شائعة أخطر من الأولى وأشنع على شبكة الانترنت تقول: إن المئات من الأيغور قتلهم الهانز على مرأى ولا مبالاة قوات الشرطة . والنتيجة كانت اضطرابات عرقية في تلك المقاطعة راح ضحيتها 200 شخص ، ولكن تلك المرة كانوا من الهانز .‏

فهل نحن هنا أمام تشابك ظروف مؤسفة وطارئة أم نشر شائعات كاذبة ومغرضة أفضت إلى تلك الأحداث ؟ نحن بتنا في وضع يستحيل فيه التمييز بين الحقيقة والزيف . إحدى الشركات الأميركية نفذت « برنامجاً يعطي الفرصة لقضية تشهد حملة تضليل أن يكون لها 70 هوية (ملامح على شبكات التواصل حسابات في المنتديات ... الخ ) دون أن يستطيع أحد أن يكتشف من يحرك خيوط هذه الدمى المتحركة . فمن الذي يلجأ إلى مثل هذا البرنامج ؟ وهذا ليس من الصعب معرفته. وتشير الصحيفة إلى أن الشركة المذكورة « قدمت خدمات إلى وكالات حكومية أميركية مختلفة مثل السي أي أيه ووزارة الدفاع . وقد أحرز التلاعب وتضليل الجماهير نجاحه في حين كانت لغة الإمبراطورية ولغة التضليل تخرج من فم اوباما أكثر عذوبة ورقة من أي وقت مضى .‏

ونسترجع هنا من الذاكرة قصة « الاختبار الذي أجرته السي أي إيه في القرية الفرنسية صيف عام 1951 التي أدت إلى موجة الهستيريا الجنونية لدى سكانها . ومرة أخرى مضطرون لطرح السؤال التالي : هل يمكن أن ينتج «الجنون الجماعي » عن طريق تناول العقاقير فحسب أم هل يمكن الآن أن يكون نتيجة الاعتماد على « التكنولوجيا الحديثة » في وسائل الاتصال ؟‏

وندرك الآن أسباب الدعم المالي الذي تقدمه هيلاري كلينتون وإدارة اوباما لوسائل الإعلام الحديثة . ورأينا أن « الحروب على الانترنت » اعترفت بها هيئات صحفية غربية مشهورة طالما أن نشر ( حروب الانترنت ) في لغة الامبراطورية وفي لغة التضليل تحول إلى نشر للحرية والديمقراطية والسلام .‏

 بقلم : دومينيكو لوزوردو‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية