تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الوحدة الفلسطينية شرط للسلام

موقع:   GlobalResearch  
ترجمة
الأثنين 16-5-2011م
ترجمة : ريما الرفاعي

فرحنا كثيرا بأنباء المصالحة بين حركتي فتح وحماس كخطوة ضرورية لتحقيق السلام. وعندما تحل الخلافات بين الطرفين ويتم التوقيع على اتفاق كامل ، فان ذلك سيكون خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة للفلسطينيين وبالنسبة لنا أيضا.

لا يوجد أي معنى لتحقيق السلام مع نصف الشعب الفلسطيني،علما ان تحقيق السلام مع الشعب الفلسطيني بأسره سيكون أكثر صعوبة، ولكنه سلام مضمون بالتأكيد.‏

واذا كانت حكومة إسرائيل تعتبر حركة حماس منظمة ارهابية لا يمكن التفاوض معها على الإطلاق ، فان عليها اليوم تغيير هذا الموقف وعلى نتنياهو وضع حد لأي نقاش حول مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس دون حماس.‏

النقاش الإسرائيلي حول الوحدة العربية يعود إلى زمن بعيد. وقد بدأ في أوائل الخمسينات ، عندما لاحت فكرة الوحدة العربية بعد أن رفع جمال عبد الناصر هذا الشعار في مصر ، وحزب البعث في سورية والذي أصبح قوة في عدة بلدان عربية.‏

ويعتقد ديفيد بن غوريون ، رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ، ان السلام كان سيئاً بالنسبة لإسرائيل قبل أن تتمكن الصهيونية من تحقيق جميع أهدافها غير المعلنة، وكانت الوحدة بين العرب خطراً لا بد من منعه مهما كان الثمن .‏

واذا كان ناحوم غولدمان ابرع جبان عرفته ولم تكن لديه الشجاعة الكافية لتحقيق قناعاته، فقد كان بن غوريون أقل ذكاء لكنه أكثر تصميماً على تحقيق الهدف. اما نتنياهو وعصابته من مخربي السلام فهم يريدون منع الوحدة الوطنية الفلسطينية الآن ومهما كان الثمن . انهم لا يريدون السلام ، لأن السلام من شأنه أن يمنع إسرائيل من تحقيق الأهداف الصهيونية والمتمثلة في اقامة الدولة اليهودية في كل فلسطين التاريخية ، من البحر إلى نهر الأردن (على الأقل) ما يعني استمرار الصراع لوقت طويل في المستقبل ، وكلما كان العدو اكثر انقساما، فان ذلك سيكون أفضل.‏

والواقع ان سلطات الاحتلال الإسرائيلي شجعت عمدا الحركة الإسلامية ، التي أصبحت لاحقا حركة حماس ، لتكون موازية لحركة فتح الوطنية العلمانية، لكنها تحولت لاحقاً لتكون هي العدو الرئيسي.‏

وقد عملت الحكومة الإسرائيلية كل ما بوسعها لتعزيز الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة بانتهاك اتفاق أوسلو ورفض فتح اربعة «ممرات آمنة» بين المنطقتين المنصوص عليهما في الاتفاق. لم يكن واحدا مفتوحا ليوم واحد. وقد تسبب هذا الفصل الجغرافي في تكريس الانفصال السياسي بينهما.‏

وقد أثار فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية كانون ثاني 2006 استغراب الجميع بما في ذلك الحركة نفسها. ومنذ ذلك الوقت ، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها لن تتعامل مع أي حكومة فلسطينية يكون لحركة حماس أي تمثيل فيها . وأمرت بحزم الولايات المتحدة وحكومات الاتحاد الأوروبي أن تحذو حذوها. وهكذا سقطت الوحدة الفلسطينية .‏

وكانت الخطوة التالية محاولة أمريكية إسرائيلية لتثبيت رجل قوي يختارونه كديكتاتور لقطاع غزة حصن حركة حماس. ووقع الاختيار على محمد دحلان ، لكنه لم يكن اختيارا جيدا.وكشف رئيس الامن الاسرائيلي مؤخرا أن دحلان قد انهار وبدأ ينتحب بين ذراعيه. بعد معركة قصيرة تولت اثرها حماس السيطرة على قطاع غزة.‏

الشعب الفلسطيني ، مع كل الصعاب التي يتحملها ، يمكنه بالكاد تحمل مثل هذه الكارثة. وقد ولد الانقسام الشديد الكراهية المتبادلة بين الرفاق الذين قضوا وقتا معا في السجون الإسرائيلية واتهمت حماس السلطة الفلسطينية بالتعاون مع الحكومة الاسرائيلية ضدهم ، وعمل الاسرائيليون والمصريون على تشديد الحصار الوحشي ضد قطاع غزة ، ومنع اتمام صفقة بخصوص اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليت ، من أجل عرقلة الافراج عن نشطاء من حماس وعودتهم إلى الضفة الغربية. ويعاني العديد من نشطاء حماس في سجون السلطة الفلسطينية ، والكثير من نشطاء حركة فتح في قطاع غزة ليسوا في حالة جيدة.‏

وقد خير بنيامين نتنياهو السلطة الفلسطينية بين إسرائيل و حماس . وهذا اختيار مثير بين احتلال وحشي، والمصالحة مع اخوة فلسطينيين تختلف معهم سياسيا.‏

كل هذا التهديد الغبي ليس هو النقطة الرئيسية في البيان. ما قاله نتنياهو كان أنه لن يكون هناك أي تعاملات مع السلطة الفلسطينية المرتبطة بأي شكل من الأشكال مع حركة حماس .‏

وقد وجهت لنتنياهو دعوة من قبل الحزب الجمهوري الاميركي لالقاء خطاب امام الكونغرس في الولايات المتحدة الشهر المقبل وليس لديه ما يقوله. ولم تكن لديه أي شيء لتقديمه الى الأمم المتحدة ، التي توشك على الاعتراف بدولة فلسطين في أيلول المقبل. الآن لديه : السلام مستحيل ، جميع الفلسطينيين ارهابيون ويريدون رمينا في البحر. لا سلام ، لا مفاوضات ولا شيء.‏

والواقع انه اذا اردت إسرائيل السلم فيجب ان تكون رسالتها مختلفة تماما.‏

فحركة حماس هي جزء من الواقع الفلسطيني. وكما علمتنا بريطانيا من خلال تعاملها مع الجيش الجمهوري الايرلندي ، فمن الأفضل صنع السلام مع المتطرفين اكثر من المعتدلين. اذا صنعت السلام مع المعتدلين ، يتوجب عليك التعامل مع المتطرفين. اما اذا اقمت السلام مع المتطرفين ، فان الامر قد انتهى.‏

والحقيقة ان حماس ليست متطرفة كما تحب أن تقدم نفسها. وقد أعلنت عدة مرات أنها تقبل اتفاق سلام على أساس حدود 1967 وبتوقيع محمود عباس إذا تم التصديق عليه من قبل الشعب في استفتاء أو تصويت في البرلمان. قبول السلطة الفلسطينية يعني قبول اتفاق اوسلو ، الذي يستند عليه قيام السلطة الفلسطينية -- بما في ذلك الاعتراف المتبادل بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.‏

ما الذي جعل كلا الجانبين أكثر مرونة؟ فقد كل منهما حاميهما . يتوجب الان على كلا الجانبين مواجهة الواقع : الفلسطينيون يقفون لوحدهم الان ، ولذلك كانت الوحدة أفضل.‏

السلام بالنسبة للإسرائيليين الشرقيين مصدر ارتياح كبير للتعامل مع الشعب الفلسطيني المتحد والأراضي الفلسطينية الموحدة. وبوسع إسرائيل فعل الكثير لمساعدة الفلسطينيين وذلك بفتح الطرق لتتجاوز الحدود الإقليمية والسماح بمشاركة حرة بين الضفة الغربية وقطاع غزة ، ووضع حد للحصار الغبي لقطاع غزة ، والسماح لسكان غزة بفتح الميناء والمطار والحدود. يجب على إسرائيل أن تقبل حقيقة أن العناصر الدينية أصبحت الآن جزءاً من المشهد السياسي في جميع أنحاء العالم العربي. وسوف تصبح مؤسسية ، وربما «معتدلة». انها جزء من الواقع الجديد في العالم العربي.‏

وينبغي على إسرائيل الترحيب بالوحدة الفلسطينية ، وكذلك الدول الأوروبية والولايات المتحدة. وينبغي أن يحصل الفلسطينيون على الاعتراف بدولتهم ضمن حدود عام 1967، وان يتم تشجيعهم على إجراء انتخابات حرة وديمقراطية ، وقبول نتائجها ، مهما كانت.‏

 بقلم: يوري أفنيري‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية