|
الجولان في القلب
وآمن إيماناً لا تخالطه ذرة شك بأنه جزء لن ينفصل عن سورية، وأن عودته إلى صدر الأم الحانية سورية حتمية لا ريب فيها، وأن المسألة مسألة وقت لن يكون طويلاً بل سيكون قصيراً، فعودة الجولان هي الصبح والصبح قريب. وعندما نقوم بتشخيص الحالة السياسية الراهنة التي تجتازها أمتنا العربية نعود إلى يقين راسخ فينا بأنها قائمة على الاختلال ومبنية على الخطأ، وفي أعماق نفوسنا نشعر أنه الخطأ الذي يؤثر عليها ولابد من الانتقال إلى حالة أخرى لا تسمح للخطأ بالاقتراب منها، فحالة الفرقة والتشرذم واللامبالاة بالأخطار التي تستهدف الأمة العربية نغم نشاز في أنشودة الوحدة العربية التي حفظناها منذ سنوات الطفولة الأولى، وسنظل نرددها مؤمنين بها ما دمنا على ظهر هذه الأرض، وسيحفظها أولادنا وأحفادنا من بعدنا. لكن هذه الحالة رغم ما تحمله من آلام عميقة تفعل فعلها السلبي في ضمير كل واحد منا، إلا أنها لم تكن قادرة على بسط سيطرتها المطلقة علينا، لأننا لم نفقد يقيننا بأنها حالة عابرة سرعان ما ستزول وتمحى من الذاكرة، وسنتجاوزها يوماً ما بالعودة إلى ينابيع أصالتنا، هذه الينابيع التي شربنا منها حتى الثمالة، وجعلتنا على يقين مطلق بأننا أمة عربية واحدة لا تنام على ضيم، ولا تستسلم للمحن، أمة قادرة على تحرير كل شبر محتل من أراضيها مهما طال الزمن. ونقيّم حالة هذه الينابيع التي تجري في أوردتنا لنشعر بالاطمئنان إلى جريان ماء التجدد فيها وإدراكنا أنه كان على الدوام ماء عذباً طيباً طيب هذه الأرض الطاهرة، وهذا هو سر القوة الكامن في نفوسنا، السر الذي منحنا على الدوام طاقة مذهلة واجهنا بها خلال مراحل التاريخ جحافل الغزاة فارتدوا على أدبارهم صاغرين. ننظر إلى المشهد النفسي الذي يقود حراكنا الفعلي على أرض الواقع فتمتد يدنا لتجد مكانها الطبيعي فوق القلب عندما نشاهد صفاء هذا المشهد، وندرك أن نهره الذي كان يوماً ما في قديم الزمان وسالف العصر والأوان هادراً متدفقاً، سيستمر في هديره وتدفقه. ونرى صورة الجولان المعلقة فوق شغاف القلب، فيعود هدير الإصرار إلى عنفوانه الرائع، ونستظهر ونستعيد نشيد العودة، فيسرع الجولان إلينا يبشرنا بأنه لم يخلف الوعد وأنه عائدإلينا. وكل حديث سمعناه من مغرض أو نسمعه اليوم من أن هذا النهر ونعني به نهر الإصرار مهدد بالنضوب، فنشعر بالرعشة خوفاً على العزائم التي سال منها يوماً ما عصير الإباء عذباً شهياً، هو حديث باطل من منبعه إلى مصبه، ونريد التأكيد لكل مروج لهذا الحديث الكاذب بأن الجولان في قلوبنا، وأنه منا وإلينا، ونحن ننتظره اليوم وقد شد الرحال معلناً قرب عودته إلى أمه الغالية سورية التي أحببناها ونحبها ما دامت أنفاس الحياة صاعدة هابطة في رئاتنا. |
|