تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نحو إنشاء مركز بحث عربي لتوثيق المجازر الصهيونية

شؤون سياسية
الجمعة 20-5-2011
نبيل محمود السهلي

اعتمدت الحركة الصهيونية وإسرائيل فيما بعد سياسات محددة من أجل طرد العرب من أرضهم بقوة المجازر وسرعت عملية ارتكاب المجازر في تهجير الفلسطينيين واحتلال أرضهم عام 1948 حيث قامت العصابات الصهيونية الشتيرن والهاغانا والأرغون بارتكاب غالبية المجازر المسجلة في الأرشيف الإسرائيلي

حسب ما أكده المؤرخون في إسرائيل وعلى رأسهم المؤرخ بني موريس ومن الأهمية الإشارة إلى أن المشاريع لعمليات الترحيل واقتلاع الفلسطينيين من أرضهم قد تم الإعداد لها منذ زمن بعيد ولم تكن وليدة صدفة فرضتها مجريات الصراع، وكان العنوان الأبرز تنفيذ المجازر باعتبارها من أهم الوسائل التي يمكن استخدامها من قبل العصابات الصهيونية لإثارة الرعب بين السكان العرب وترويعهم وبالتالي حملهم على الرحيل، وقد أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن في مذكراته بأن المنظمات الصهيونية العسكرية قد قامت بطرد العرب وهي التي نظمت عملية القتل والطرد وفي هذا السياق تشير الدراسات إلى أن عدد المجازر التي أمكن تسجيلها وصل إلى 34 مجزرة منها 24 في منطقة الجليل وخمس مجازر في وسط فلسطين وخمس مجازر في منطقة الجنوب وثمة سبع عشرة مجزرة نفذت في ظل وجود القوات البريطانية قبل عام 1948 ودون تدخل يذكر منها وسبع عشرة بعد إنهاء الانتداب البريطاني ومن أشهر المجازر مجزرة دير ياسين ومجزرة الطنطورة وقرية بلد الشيخ والصفصاف وعيلوط وعرب المواسي لكن أفظع المجازر كانت مجزرة الدوايمة ويمكن الكشف عن عشرات من المجازر الصهيونية في حال الوصول إلى رواة من القرى التي ارتكبت بحقها مجازر فهناك قرية طيرة حيفا تم حرق قسم من أهلها الأبرياء على البيادر (آل حجير) على يد العصابات الصهيونية وهناك شهود عيان أحياء على المجزرة ولم تتم مقابلتهم ويتواجدون بشكل رئيس في مخيم اليرموك وغيرها من مخيمات الفلسطينيين في سورية ومن المجازر الإسرائيلية الأخرى مجزرة قرية الطنطورة في قضاء حيفا حيث قام الاسرائيلي تيدي كاتس بالحصول على شهادة ماجستير من جامعة حيفا على بحثه الذي وصف فيه المجزرة المذكورة وأحصى عدد الضحايا في القرية المذكورة في صيف عام 1948 وتعتبر مجزرة دير ياسين من أفظع المجازر المرتكبة بحق الفلسطينيين وتقع القرية على أحد التلال التي تطل على واد بالقرب من مدينة القدس وكانت تعتبر من الأماكن الرئيسية لكونها تربط القدس بمدن الساحل يافا وعكا ولذلك جعلتها أكثر عرضة للاعتداء من قبل الصهاينة ولكونها أحد قلاع القدس داهمت عصابات شتيرن والأرغون والهاجاناه الصهيونية قرية دير ياسين في يوم 9/4/1948 الساعة الثانية فجرا وقال شهود عيان إن إرهابيي العصابات الصهيونية شرعوا بقتل كل من وقع في مرمى أسلحتهم وبعد ذلك أخذ الإرهابيون بإلقاء القنابل داخل منازل القرية لتدميرها على من فيها حيث كانت الأوامر الصادرة لهم تقضي بتدمير كل بيوت القرية العربية في الوقت ذاته سار خلف رجال المتفجرات إرهابيو الأرغون وشتيرن فقتلوا كل من بقي حيا من المواطنين العرب داخل القرية حيث أطلقت عليهم النيران لإعدامهم أمام الجدران واتضح بعد وصول طواقم الإنقاذ أن الإرهابيين الصهاينة قتلوا 360 فلسطينياً معظمهم من الشيوخ والنساء والأطفال ودمرت القرية ولم يبق منها سوى أطلال توحي بأنه كان يوجد هناك قرية تسمى دير ياسين تترامى على أطراف الوادي ولم تتوقف المجازر الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني فبعد انطلاقة الانتفاضة الثانية بعامين ارتكب الجيش الاسرائيلي مجزرة مروعة في مخيم جنين في بداية نيسان 2002 ذهب ضحيتها (500) شهيد فلسطيني وهجر أكثر من ألف فلسطيني من سكان المخيم.‏

إضافة إلى المجازر برزت الحرب النفسية الصهيونية والدعاية والإعلام كوسيلة مكملة ساعدت في عمليات إفراغ القرى والمدن الفلسطينية من أهلها العرب حيث عمدت العصابات الصهيونية التي ارتكبت المجازر إلى ترك باب للخروج من إحدى جهات القرية حتى يتسنى للناجين نشر الروايات حول تلك المجازر وحمل أهل القرى المجاورة للرحيل عند سماع ما حدث من ترويع للسكان العزل في القرى الأخرى وهذا ما حصل فعلاً في المدن والأقضية الفلسطينية في الساحل والقدس والجليل والمثلث الأمر الذي ادى إلى تهجير 75 ألف فلسطيني في عام 1948 ونحو 460 ألف فلسطيني من الضفة والقطاع في عام 1967.‏

وتبعاً للمجازر التي كانت ومازالت عقيدة إسرائيلية في الفكر والممارسة باتت الضرورة تحتم إنشاء مركز بحث تابع لمؤسسات الجامعة العربية يضم متخصصين بجمع المعلومات حول المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي وقبل ذلك العصابات الصهيونية وقد تكون البداية جمع أدلة ووثائق عن الذين قاموا بالمجازر او قادتهم لمحاكمتهم فيما بعد في المحاكم الدولية ذات الصلة ويجب أن يساهم في عملية البحث والتحليل قانونيون وعلماء اجتماع وعلماء نفس من كافة الدول العربية إضافة إلى الاستعانة بخبراء أجانب إذا أمكن ذلك وبعد ذلك تتم تهيئة الظروف المواتية لنشر ما تم التوصل إليه في البحوث في وسائل الإعلام العربية وخاصة عبر ندوات في الفضائيات بحيث تكون هناك ترجمة فورية بلغات عديدة حيث لم ينشر إلا القليل عن المجازر الإسرائيلية المرتكبة بحق الأبرياء على امتداد الوطن العربي وكذلك هي الحال بالنسبة للمجازر التي دفعت غالبية الفلسطينيين خارج أرضهم في عام 1948 وبعده.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية