تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تظاهـــرة ربيـــع الفنـــون

رؤيـــــــــة
الجمعة 20-5-2011
أديب مخزوم

تميزت تظاهرة معرض الربيع للفن التشكيلي السوري الشاب في خان أسعد باشا، بإطلاق الخيارات الفنية التي تتأرجح مابين المعالجة التقنية الهادئة لدى البعض والمتحررة من عبء الموضوع الخارجي الواقعي لدى البعض الآخر.

هكذا يميل الفنان نحو مظاهر تكسير قوالب الأشكال الجاهزة، ومن ثم ينطلق لقطف رموز الإثارة الانفعالية التي تندفع من الداخل إلى الخارج، لتتبع حركة تقلبات المشاعر والأحاسيس العميقة، والنفاذ إلى جوهر الشيء بعد إزالة تلافيف قشوره الخارجية، مع المحافظة على خصوصيات المناخات اللونية القادمة من كل مدينة على حدة.‏

فمعرض الربيع الذي جمع أكثر من مئة تجربة فنية شابة يؤكد على وحدة التنوع رغم الاختلاف، على الأقل في إضفاء المناخ اللوني الخاص بكل مدينة، وهذه ناحية قلما يتحدث عنها النقد السوري، فالفنان القادم من الساحل السوري على سبيل المثال يتفاعل حتى في لوحته التجريدية مع مناخات لونية مغايرة للمناخات القادمة من معايشة القرى والسهول والصخور والحجر البازلتي في الجنوب، وقد يترك المدى الصحراوي المترامي الأطراف أثره الواضح على التجربة الفنية المتفاعلة مع تلك الأمكنة، بمساحاتها وامتداداتها الشاسعة.‏

فالبيئة إذاً في مظاهرها البحرية كشاطئ والبرية كسهول وتلال والقروية كحقول وبساتين وكروم تساهم في بلورة خصوصيات المناخ اللوني لفن كل منطقة أو مكان.‏

وهذا يعني أن الفنان السوري وفي أكثر الأحيان ينطلق من مبدأ تحوير الطبيعة المحلية والمعالم الحضارية التي يعايشها ليجسد من خلالها حركة التجليات التشكيلية لعوالم السحر المحلي وليصل إلى يقظة بيئوية أشبه ببريق الأحلام، دون التقوقع في إشارات الأشكال السطحية أو المباشرة، حيث تطل مفردات الواقع أو عناصر التراث عبر اللمسات اللونية العفوية القادرة على استنباط العوالم التشكيلية الخاصة بكل مدينة أو قرية.‏

وعلى هذا يمكن ربط حساسية الفنان البصرية والروحية بمدى قدرته على الإحساس والتفاعل مع الإيقاعات البيئوية المميزة، في خطوات الوصول إلى الرؤى التشكيلية الخاصة والمستقلة.‏

adibmakhzoum@hotmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية