|
مجتــمـــــع صوّرت لهم أنفسهم المريضة أنّ الإنسان السوري سيسارع إلى الأفران وإلى البقاليات ليملأ مخازن بيته مؤونةً ويقفل الباب بانتظار ما ستصير إليه الأمور، وأنّ أسنانه ستصطك خوفاً فيغطّي نوافذه بالسواد ويخفتُ صوت التلفاز منتظراً خبراً من فضائياتهم الملوثة بالحقد يبشرّه بعودة الحياة إلى مجراها الطبيعي وكأن هذه الحياة عرجت في دروبنا! واعتقدوا أنّ الدُوري لن يبني أعشاشه هذا الصيف، وأن موعد التفريخ سينتظر مشيئتهم وقرارهم، وخالوا أن أولادنا سيمزّقون كتبهم ودفاترهم منتظرين فجر حريتهم المزعوم! أخطأتم أيها المارقون في أكثر من تقدير، أخطأتم في الحسابات.. فلا الحقل تجاوب معكم ولا البيدر قبلَ حساباتكم، حاولتم ركوب الربيع موجةً لشعاراتكم المضللة فأرسل الله عليكم حجارةً من سجّيل، والشام التي ائتزرت بالضوء وبالفخار استقبلت هدايا السماء البيضاء والتي تحولت إلى حجارة من سجّيل على رؤوسكم كما أسلفنا.. هنا عمّال النظافة يقومون بواجبهم على أحسن ما يكون في شوارع طرطوس، وهناك الورشات والآليات تتابع عملها بكل همّة ونشاط في المدخل الجنوبي للمدينة، وعلى شاطئ بحرها الجميل تختلط أصوات النوارس بصفير البواخر، هنا يُشاد جسرٌ، وهناك يلبس طريقٌ جديد ثوبه الإسفلتي، وعلى مقاعد الدراسة أكثر من حلم يتكوّر ويُطبخ على نار الاجتهاد.. وفي الحقول التي تُروى بحبّات العرق وبأغنيات المزارعين كلّ شيء يدبّ الحياة في الحياة، فهنا أبو أحمد يوضّب البندورة في عبواتها وهناك أبو محمود يحمّل إنتاجه من البطاطا في شاحنته الزراعية، وعلى طرف ليس بعيداً يعلو صوت أبي حسن محتجاً من بين شتلات الخيار لأن زوجته تأخّرت بالزوادة والشمس تكاد تتوضع في منتصف السماء! أبو علي يسأل أبا مصطفى عن شربة ماء فيخرج (مطرته) من تحت كومة عشب حافظت على برودتها ويقول له بالهناء والعافية.. وفي ذلك البساط الذهبي من سنابل القمح تعلو المواويل مبشرّة بقرب موسم الحصاد بعد أن امتلأت كل سنبلة بحكاياها الخاصة جداً. هذه هي سورية على الدوام، كانت وستبقى، ولن تحني رأسها تلك الزوبعة التي حاول البعض تحريكها فوق هذه الأرض المباركة وكلّنا شهود عيان وحقّ على جمال سورية ومتعة الحياة فيها لا (شهود عميان) ينذرون بخرابها ويصورونها كما يتمنون لها ولكن خسئوا.. هذه هي سورية أرض السنديان والبلوط والبطم والزيتون والليمون، سورية موطن الياسمين والورد الجوري والأقحوان، سورية العصيّة على الغادرين، الحانية على أبنائها، المسيّجة بدماء أبنائها.. سورية التي لا تقبل الحياة إلا كريمة لأبنائها.. سورية التي بكت أبناءها البررة وافتخرت بشهادتهم، هؤلاء الشهداء الذين خرجوا من خنادق الدفاع عنها ومن حقول الفريز والبندورة ومن الشرفات التي اعتادت الأمان.. لسورية المجد والفخار والعزة، ولشهدائها الأبطال كل الرحمة والخلود ولقائد سورية السيد الرئيس بشار الأسد الوعد أن نبقى سوريين نفتدي سورية بكل غال ونفيس.. |
|