|
أسواق لم تجد هذه التحذيرات أي صدى خاصة في مجال اللحوم التي باتت ميزة العديد من الأسواق الشعبية في دمشق إضافة إلى الحلويات والبوظة وغير ذلك. ولم تكتف أسواق البيع باحتكار هذه الظاهرة وحدها بل سرعان ما بدأت تنتشر بشكل واسع لتفترش الأرصفة, حيث ينتشر الباعة الجوالون في العديد من الأماكن يعرضون مالديهم دون خشية من مراقبة مهما كان نوعها. ولا تزال الأسواق في دمشق تحديداً ومنها سوق ساروجة والميدان وشارع بدوي تمثل تجسيداً لمظاهر خاطئة في عرض المواد الغذائية بالهواء المكشوف. ومع أن الألوان تضيف على اللوحة خصوصية ألفها زوار هذه الأسواق حيث باعة الزيتون الجاهز والمخللات والفواكه والخضار واللحوم, لكن واقعاً أكثر صعوبة يبدو واضحاً وأنت تشاهد المطاعم المتنقلة في زوايا الأسواق وحاراتها وعلى الأرصفة في عربات تبيع الساندويش من مختلف الأنواع. حيث تبرز خلف هذا الأمر عناوين عريضة في مدينة هي الأكثر عرضة للتلوث نتيجة ما تطلقه عوادم السيارات وغبار الحفريات المستمرة, وتحسينات الأرصفة وغيرها. حيث نقرأ الكثير من الانعكاسات السلبية على الصحة العامة نتيجة هذا الأمر. ولا يكتفي باعة هذه المواد بعرضها للمارة والدعوة لتناولها بل يزيدون على ذلك برشها بالماء غير النظيف للحفاظ على نضارتها مثلما يحدث لدى باعة لحوم الفروج والخضار المختلفة..تاركة الفرصة أمام المزيد من مصادر التلوث لتلتصق بهذه المواد. قرارات بعيدة عن التطبيق يذكر هنا أن مديرية الشؤون الصحية ومحافظة دمشق كانت أصدرت قراراً بعدم بيع اللحوم المكشوفة, ووضعها في برادات معدة خصيصاً لحفظ هذه المواد, وعدم تعرضها للتلوث ويومها قامت القيامة أن وراء هذا الموضوع صفقة لبيع البرادات كونها محصورة بعدد من المنتجين ومع ذلك لا حظنا التزاماً قليل الأثر بهذا الجانب, فرغم وضع البرادات في سوق اللحم بالزبلطاني أمام المحلات, بقي هناك تجاوز واضح على القرارات حيث امتدت البسطات أمام المحلات تحمل الكثير من قطع الفروج والأسماك المجمدة والذبائح المعلقة بالهواء وأقسام الذبيحة مثل السودة والمعلاق والرؤوس والأطراف والسجقات والمصران وغير ذلك. حيث لا تستوي المسألة دون هذه المظاهر المؤذية للمشاهد, ناهيك عن وضع العاملين في هذه المنشآت والمحلات الصغيرة حيث المياه تغطي أرض السوق وبقايا الدماء وغيرها تترك لوناً داكناً على المياه المتدفقة بين المحلات حتى ترى نفسك بحاجة إلى ارتداء جزمة جلدية لتستطيع العبور بينها. ما قلناه عن اللحوم يأخذ شكلاً آخر عند باعة الفروج وأجزاء الفروج, فالمسألة تحتاج إلى مياه أكثر لدعم الفروج حسب اعتقادهم فكلما كانت كمية الماء أكبر في جسد الفروج المذبوح كان لونه زاهياً ووزنه أكبر وغير ذلك. فمن ينتبه لهذه الحالة في أسواق اللحوم بدمشق.. ومن ينظم هذه الآلية في العرض والبيع المضمون للمستهلك? معارض على الأرصفة والعربات مهما كانت الصورة في أسواق اللحوم تحمل خصوصية هذه السوق, فهي غير ذلك عندما تشاهد بكثرة في الأسواق الشعبية على البسطات وأمام المارة طيلة الوقت وهي مكشوفة بوضوح للجميع الأمر الذي يدعونا إلى المزيد من الإصرار على قمع ومعالجة هذا الموضوع, والدعوة إلى شكل حضاري في عرضها فنحن لا نرغب ولا نؤيد قطع أرزاق الناس, لكننا ندعو إلى أساليب أكثر رقياً تتماشى مع عاصمتنا في القرن الحالي. والأكثر من ذلك أن هذه الأسواق باتت تقدم عروضاً مغرية من حيث تنوع المعروضات حيث تشاهد باعة العصائر إلى جانب باعة الأسماك وقربهم مطعم اكسبرس أو بسطة تتوضع عليها أجزاء الذبائح... وآخر يحتل الرصيف بشواية اللحمة وكله بحسابه كما يقال... وبين هؤلاء تجد باعة المنظفات وباعة البزورية والبهارات وإلى جانبهم باعة الخضار والفواكه كما هي الحال في سوق اليرموك. أما الحلويات المكشوفة خاصة تلك التي تدخل مادة الحليب والقشطة في تصنيعها فحدث عنها ولا حرج فالمحلات لم تعد تكفي باعتها... والأرصفة باتت تتعرض للزحف المشروع أو غير المشروع لهذه المواد حيث البسطات التي تمنع المارة من استخذام الرصيف.. ومع ذلك الكل يسترزق.. فسبحان مقسم الأرزاق. ما قلناه صور حية من واقع الكثير من أسواقنا الشعبية الغنية بالألوان والمخالفات الصريحة.. فمتى نصل إلى مظهر صحيح وحضاري في عرض هذه المواد, ومتى نترك للمواطن حق استخدام الأرصفة دون أن تكون قد فرشت بمثل هذه المناظر وأمام دكاكين الباعة. هنا يزداد الأمر إلحاحاً.. فالصحة أولاً... والوقاية من التلوث أساس المعالجة.. ولا نريد سوى قرار جريء ينظم هذه الأسواق ويمنع عنها مثل تلك المشاهدات. |
|