|
شؤون سياسية ولقاءاته مع المسؤولين الروس, ظهرت على العلن جملة تصريحات ومواقف رسمية أميركية تقلل من شأن التصريحات الروسية حول إقامة قواعد أميركية على أراضي كل من بولندا والتشيك. الأمر الذي رفضته موسكو رسمياً وشعبياً, ووجهت تحذيرات على لسان كبار العسكريين والسياسيين بشأنه, وهددت باستهداف هذه القواعد واعتبارها خطراً على الأمن القومي الروسي. المستشار الأميركي ستفن هاردلي في لقاءاته مع كل من رئيس مجلس الأمن القومي الروسي إيغور إيفانون حاول تهدئة مخاوف الروس, وذلك بعد قرار البيت الأبيض إطلاق حملة تصريحات واتصالات واسعة لطمأنة روسيا, بشأن النظام الأميركي المضاد للصواريخ. وحاولت الإدارة الأميركية من خلاله, اقناع الروس بأن الصواريخ التي ينوي البنتاغون الأميركي نشرها في عدد من دول وسط أوروبا لاستهداف روسيا, هي عاجزة أصلاً بمواصفاتها التقنية عن اعتراض الصواريخ الروسية الاستراتيجية. وتوالت بعد ذلك التصريحات الرسمية الأميركية, حيث قال رئيس الوكالة الأميركية للدفاع المضاد للصواريخ هنري أوبيرنيع في مؤتمر صحفي بواشنطن 23 شباط, أن المضادات الصاروخية الأميركية ليست سريعة كالصواريخ الاستراتيجية الروسية وحتى إذا نشأت رغبة عند الأميركيين لرصد الصواريخ الروسية, فلا يمكن القيام بذلك إلا على قطاع محدود جداً, وما صواريخ الاعتراض الأميركية المزعوم نشرها إلا مضادات لصواريخ قد تأتي من الشرق الأوسط وليس من روسيا في إشارة إلى إيران أو منظمات ارهابية تسعى إلى امتلاك اسلحة دمار شامل (حسب زعمهم). حملة التهدئة الأميركية تواصلت في الأيام الماضية وكانت أعلى مرتباتها تلك التي تولتها وزيرة الخارجية الأميركية نفسها, أثناء لقائها مع وزير الخارجي الروسي لافروف في برلين على هامش انعقاد اجتماع اللجنة الرباعية للتسوية السلمية في الشرق الأوسط. حيث حاولت طمأنة الوزيرة الروسي بأن الرغبة الأميركية بنشر قواعد الصواريخ, إنما هي للرد على تهديدات مرتبطة بإطار ما بعد 11 أيلول ,2001 في إشارة إلى الحرب المتواصلة على الارهاب.وأوعزت الوزيرة الأميركية إلى كل من نيكولاس بيرنز, المسؤول الثالث في الخارجية الأميركية ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون أوروبا دانييل فريد, ومساعدها لشؤون آسيا الوسطى والقوقاز وأوروبا الشرقية ريتشارد باوتشر أوعزت لهم إلى عقد اجتماع في مبنى وزارة الخارجية الروسية, لإيجاد حلول لمصادر القلق الناجمة عن أزمة منظومات الصواريخ, أو الدرع الأميركية في أوروبا الشرقية. وبعد اللقاءات صدرت تصريحات عن بيرنز مفادها أن الولايات المتحدة الأميركية تحتاج إلى روسيا مع التأكيد على ضرورة إعادة تحديد أو إعادة التوازن إلى العلاقات مع موسكو, معتبراً أن روسيا شريك رئيسي للولايات المتحدة الأميركية, وهي الأكثر تعاوناً وتأييداً في موضوع مكافحة الارهاب والانتشار النووي, ولابد من الحفاظ على علاقات استراتيجية وشراكة مميزة رغم وجود أجواء من الانتقادات المتبادلة والتصريحات القاسية لكلا الطرفين. إذاً الموضوع أخذ أبعاداً جديدة في طبيعة العلاقة بين البلدين, ويبدو أن الإدارة الأميركية لا تريد الدخول في عراك صعب مع الروس, وهي في غنى عن مثل هذه المواجهة المؤلمة, وتريد من خلال أجواء التهدئة الدخول على مسارات المقايضة أو الاغواء أو الصفقات الثنائية, وحتى التلويح بالطعم اللذيذ وروائح الغنائم. في وقت تجد نفسها بأمس الحاجة إلى شركاء ومؤيدين بل بحاجة ماسة إلى عدم وجود معرقلين لمشاريع دخلت في مسار الحسم النهائي واللاعودة, وقد تكلف خسارتها انهيار الامبراطورية العالمية, لذلك الحذر ثم الحذر خصوصاً مع العارفين بأدق التفاصيل. |
|