تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لاتتجاهلوا الدور السوري في المنطقة ... بوش يحتاج إلى سورية

يديعوت أحرونوت- < بقلم ألن بن مير
ترجمة
الأحد 4/3/2007
ترجمة ليندا سكوتي

يتداول المسؤولون الأميركيون الأحاديث عما يمكن تحقيقه نتيجة إجراء محادثات مع سورية تهدف إلى إشراكها في إنهاء الفوضى

القائمة في منطقة الشرق الأوسط ومنع تردي الأوضاع فيها . فقد كان من الحكمة بمكان العمل على إشراك سورية منذ البداية في الجهود المبذولة, والتفاوض معها حول الإشكالات القائمة لما لهذا الأمر من أهمية كبيرة للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة, وسواء رغبت واشنطن في ذلك أما لا, فإن لسورية القدرة على لعب دور فعال في المنطقة, وعلى الولايات المتحدة أن تضرب صفحاً عما يدور في خلدها من ممارسة المزيد من الضغوط على دمشق ويتعين عليها أن تنظر إليها كشريك في المستقبل بدلاً من النظر إليها كخصم.‏

تكتسب سورية أهمية خاصة ناجمة عن موقعها الجغرافي في قلب الشرق الأوسط, وكونها مفتاح السلام الدائم بين إسرائيل والعرب ولدورها الكبير في لبنان الذي يتجذر في نسيجه الاجتماعي والاقتصادي والسياسي, ويتجلى بشكل واضح بإمكانيتها التأثير على شرائح واسعة من شعبه وقدرتها على وقف التصعيد والصراعات بين الفئات المتناحرة في المنطقة, فضلاً عن دورها الهام في(النزاع) الإسرائيلي الفلسطيني باعتبارها أهم الدول التي يلجأ إليها الزعماء الفلسطينيون وهي في هذا السياق تعتبر منارة للحركة الوطنية الفلسطينية.‏

أما بالنسبة للعراق فإن لسورية أهمية تتجلى الآن أكثر من أي وقت مضى( لأن إدارة بوش تعتريها رغبة جامحة في تحقيق النجاح هناك) ولقدرتها على المساعدة في توطيد الأمن والاستقرار في بلد انهكته الظروف التي مر بها في السنوات الأخيرة.‏

أما بالنسبة لإسرائيل فإن سورية تشكل لها أهمية خاصة لأن عدم تحقيق السلام بينهما سيبقي إسرائيل في حالة من الانعدام الدائم للأمن في جبهتها الشمالية, وللإمكانيات المتاحة لها في لعب دور هام في الحرب على الإرهاب لما يتوفر لديها من قدرات على كبح جماح العناصر الرديكالية.‏

يدور جدال حول مدى قدرة الدور السوري في وضع الحلول المناسبة للعديد من الصراعات القائمة في ( الشرق الأوسط) ومدى أهمية هذا الدور لكن مهما كانت نتائج هذا الجدال فإنه لن يستطيع أحد تجاهل التأثير السوري المباشر وغير المباشر على القضايا الأساسية في المنطقة.‏

يرى المسؤولون الأميركيون أن إشراك سورية في وضع الحلول لمعضلات ( الشرق الأوسط) يعتبر مكافأة لها على ماتقوم به من تصرفات مناهضة للإدارة الأميركية لكنا لو سلمنا بصحة بعض التهم المثارة بحقها فهل يعني ذلك أن نرفض الحوارمع المسؤولين السوريين للعمل معاً على حل الاشكالات القائمة?‏

قالت وزيرة الخارجية الأميركية كوندا ليزا رايس إن سورية تعلم مايتعين عليها فعله للدخول في حوارمع الولايات المتحدة وهي في طلبها هذاكأنها تطلب من دمشق أن تعلن على الملأ بأنها مذنبة, وتقبل بالشروط التي يمليها بوش كي تتمكن من إجراء هذا الحوار.‏

لاشك بأن سورية سترفض الشروط التي تملى عليها لأنها تشكل نوعاً من الخضوع ( الذي يمكن أن يرتبط بأمور أخرى قد تضعف موقفها التفاوضي بشكل كبير) على الرغم من حاجتها الماسة إلى المساعدات الاقتصادية والتقنية المتطورة والاستفادة مما يتحقق من تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة, لكن حاجة واشنطن إلى سورية أكثر أهمية من تلك الاحتياجات في ضوء الوضع الذي يتردى في المنطقة يوماً إثر يوم. إن رفض الولايات المتحدة التفاوض مع كل من إيران وكوريا الشمالية لأكثر من ست سنوات لم يحقق أي جدوى لها بل إنه شجعهما على تحديها, أماجهودها لعزل سورية فإنها لم تؤت أكلها وإنما دفعتها إلى التوجه نحو إيران, وأصبح دورها أكثر أهمية في البحث عن ايجاد الحلول المناسبة للمعضلات القائمة بدلاً مما كان يصبو إليه البيت الأبيض من تحجيم دورها الاقليمي.‏

يتعين على الولايات المتحدة إعادة تقييم سياستها تجاه سورية, وعلى الرئيس بوش النظر إليها كجزء من الحل وليس كجزء من المشكلة أما في الأحوال التي لا يؤخذ بها بتلك ا لتوجهات فإن مشكلات المنطقة تتفاقم, وسيكون من الصعوبة بمكان ايجاد الحلول المناسبة لها.‏

لقد تعاونت الولايات المتحدة مع سورية بعد أحداث 11 أيلول وليس ثمة مايحول دون التعاون بين الدولتين من جهة استئناف المفاوضات بشكل غير مشروط خاصة في ضوء مايحدث من اضطرابات كبيرة في المنطقة, وبذلك فقد أصبح التدخل السوري من الأمور التي تدعو إليها الضرورة أكثر من ذي قبل.‏

إن سورية لن تفك روابطها الوثيقة مع كل من طهران وحزب الله في حال إجراء محادثات بينها وبين الولايات المتحدة لكن إجراء تلك المحادثات سيلقي بظلاله على السياسة القائمة في المنطقة برمتها.‏

لقد أقر الكثير من القادة السياسيين والأكاديميين والخبراء بما انتهت إليه لجنة دراسة الوضع في العراق التي أوصت بضرورة إشراك سورية في حل الإشكالات القائمة في المنطقة إلا أن بوش لم يأخذ بتلك الاقتراحات في الوقت الذي لم يقدم به أيه حلول بديلة من التعامل معها. إن دمشق ليست بعجلة من أمرها وبإمكانها الانتظار ولمدة طويلة, أما إدارة بوش فليس لديها متسع من الوقت يمكنها من حل مشكلات المنطقة دون اشراك فعال وبناء من سورية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية